دلالة مفهوم الولاء عند أهل السنة والجماعة تعكس روعة هذا الدين في تأصيل نظام العلاقات في الإسلام سواء على المستوى السياسي أو الاجتماعي أو على مستوى علاقات المسلمين بغيرهم...وهذا المفهوم بكل صوره مستمد من نصوص شرعية وقواعد فقهية مرعية وأصول تجسد عقيدة الإسلام في صلابتها ويقينها كما تجسدها في قمة رحمتها وسماحتها.
وحين خاض من لا علم له في تلك النصوص والقواعد والأصول..ومن لا أهلية له في الاستنباط..أنزلها بالجهل على الوقائع...فحلت بنا من شطحات جهله نكبات وفظائع...
وبينما انشغل أهل العلم بالفتوى بدعوة من تطرف وغلا...تسلل على حين غفلة رهط كقتلة عثمان رضي الله عنه...فأبوا إلا أن يجعلوا علماءنا ودعاتنا مع أولئك الجهلة في خندق واحد: (التطرف)...وجعلوا اتهامهم هذا شعارا باسم الولاء ..ستة لله وثلاثة لما في الصدر!!!
وهم يدركون أكثر من غيرهم أنه لولا فضل الله ثم تكاثف جهود العلماء وولاة الأمر في مواجهة الفتنة لتطايرت على رؤوسهم ولأسعرت بهم في بيوتهم..ثم لا يجدون عليهم نائحا.
لكنهم قتلة عثمان...باسم الولاء ينقضونه...ويعيبون على أهل الوسطية التطرف (زورا) وهم يمثلونه...ويشككون في ولائهم لولاة الأمر وهم يخالفونه...
وها نحن في مجتمعنا بين فئتين ..فئة نقضت الولاء فضلَّت ..وفئة نافقت فيه فأخلَّت...وهذه الفئة الأخيرة هي من لبست لباسا نكرا..وأبرمت مع أعدائنا أمرا..واتخذت من حداثتهم نثرا ومن ألحانهم شعرا..وتسمت (بتيار الليبرالية) وساء يوم القيامة وزرا.
ادعت الولاء للأمة وقضاياها ...وتبنت قضايا الإصلاح فلما تجلى برنامجها للمجتمع وجده منكرا من القول وزورا..دعوات للتبرج والسفور باسم تحرير المرأة..وصيحات للضلال والفجور باسم الحرية...فأين الولاء للأمة في ذلك.
وادعت الولاء للعلماء..فاتهمتهم بالتطرف والغلو ..وزاغت عن نهجهم وطريقهم...وتحايلت على الفتوى بدعوى التجديد ونبذ التقليد ..وفي كل ذلك كذب وافتراء ونكوص عن الولاء للعلماء..
وادعت الولاء لولاة الأمور..وبرنامجها (في عمقه) لا يختلف كثيرا عن مسالك المذبذبين (الخونة) القابعين في شوارع لندن ونيويورك..فأولئك آوتهم عواصم المكر علنا..وهؤلاء أحاطتهم بسياج الحماية المتولد عقب الأحداث: (من ليس معهم فهو ضدهم)....ولا يزالون يحضون بالرعاية ضد الأمة ومصالحها ...
وأي ولاء يدعون وهم يمارسون الوشاية بالزور على الأمة إذ يتهمون أخيارها من العلماء والدعاة بالتطرف والغلو..(والإرهاب) في القنوات الرسمية وهم منه براء..أليس في ذلك اتهاما ضمنيا لولاتنا...أليست دوائر الغرب تتتبع كتاباتهم عن كتب وتستنتج من تحليلها هذا الاتهام الآفك!!! فأين ولاؤهم إذاً وهم يستعدون علينا الأمم ...!!! ويحسبون أنهم يحسنون صنعا.
د/ سعد بن عبد الله البريك