لا تحزن أيها المؤمن فإن أرض الشام لها رب يحميها
قرأت منذ قليل خبرا عنونه صاحبه بـ ""أوباما يعلن الأربعاء خطتة لمحاربة "تنظيم الدولة"
قلت لقد أعطي تنظيم الدولة الإسلامية مساحة إعلامية واسعة أكثر من حجمه، ليس لقوته ولا لكثرة أتباعه ولا لتهديده الأمن العالمي كما تقول أمريكا، ولكن ليتخذ ذريعة لتصفية الحسابات في المنطقة ، فلو رجعنا إلى الوراء قليلا لرأينا ولوجدنا أن أمريكا لها نفس الأسلوب و المنهج في مهاجمة الدول المناوئة لها، فمثلا عندما أرادت إحتلال العراق إتهمت صدام بامتلاك أسلحة محرمة دوليا، و بأنه يخفي رؤوسا نووية ،وعندما أرادت إحتلال أفغانستان كانت الذريعة أن طالبان أوت بن لادن ولا تريد تسليمه، وعندما دخلت العراق إكتشف الخبراء أن صدام لا يمتلك الأسلحة المطلوبة، و بعد إحتلال أفغانستان أكتشف أن بن لادن في باكستان ،و هكذا نفس السيناريو و نفس المخرج و نفس المشاهد، و الشيء الذي يتغير في كل مرة هو أننا ننسى، و الذي تذكر و أنكر يضل صوته ضعيفا مغمورا في خضم هذا الصراع الذي لامكان فيه للضعفاء، و الفقراء ،خاصة أمام الإعلام الهمجي الغربي و التغريبي في الوطن العربي، أو ما أسميه بالإعلام المتصهين الذي جعل من ذبح أمريكي واحد لا يدرى حتى من قتله حديث الساعة، و قتل 3000 ألاف فلسطيني أمام أعين العالم أهون من قتل بعوضة حيث جري هذا خلال 51 يوما على المباشر، يرى الناس و يسمعون ما تدمع له العين و يدمى له القلب ، فمستشفيات على رؤس المرضى فجرت، و بيوت على رؤس ساكنيها من رضع و أطفال و شيوخ و أبرياء قصفت، و مدارس هدمت، و مساجد خربت، و عمارات سويت بالأرض، كل هذا في واضح النهار أمام عدسات الكاميرات، والقنوات و المنظمات( الحقوقية)، و (العالمية)، وكل هذا يحدث تحت ذرعة مقاومة الإرهاب زعموا، و هو نفس السيناريوا الأمريكي وهذه المسرحية الروتينية ينتهجها اليهود أيضا، إلا أننا يجب ألا ننسى شيئا مهما جدا كثيرا ما نغفله أو نتغافل عنه، وهو أن أمريكا لا تدخل بلدا حتى تزرع فيه الفتنة وتفرق بين أهله شر تفريق فمثلا عندما أحتل العراق ماهي الدولة العربية التي ساند حكامها أمريكا في إحتلالها لهذا البلد ؟ أليس آل سعود، ثم عندما أحتلت أفغانستان أليست إيران هي التي ساعدت أمريكا في إحتلالها لهذا البلد واليوم هما الدولتان اللتان شيطنتا الدولة الإسلامية ،و تحالفوا مع أمريكا ضدها كما تحالفوا من قبل معها ضد أفغانستان و العراق ، إذا فلا غرابة أن نجد أمريكا اليوم تقصف من الجو لأنها ذاقت ويلات البر وحرارة الأرض في العراق ، و حلفاءها يقصفون على البر ،كل هذا لأسر الدولة السورية و إرغامها بأن تكون تحت قوانين هيئة الأمم المتحدة الشركية و إبعادها عن الحكم بكتاب الله و سنة رسول الله تحت أي تنظيم إسلامي أو حكم رباني، ولكن ما لايحسب له العرب اليوم هو يوم تتركهم أمريكا لداعش وماعش و كاعش و....وتنسحب كما تركت المالكي للعشائر و الدولة الإسلامية و كما ستترك كرزاي في أفغانستان لطالبان، هناك سيعضون أصابع الندم إذ أن الشعوب والقوى الإسلامية كلها ستتوحد إذا رأت أن أمريكا تقاتل إخوانهم المسلمين ،و ليس هذا فحسب بل الأمر أكبر بكثير، إذ أن الروافض في إيران قد عقدوا الصلح مع أمريكا التي أوهمتهم بدورها بأنهم الوارثون بعد سقوط الدول العربية السنية التي ستلتهمها الفتنة عن بكرة أبيها حسب دراساتهم و تخميناتهم لقتالهم ضد الإسلاميين، وهنا و بعد كل هذا ستبدأ حرب أخرى أشد من الأولى كما تخطط أمريكا فإذا فاز الإسلاميون وانتصروا سيقاتلون إيران لأنها ساعدت أمريكا ضدهم و الثأر الثأر وإذا ربحت السعودية وحلفاؤها من العرب ضد من سيسمونهم الخوارج و الإرهابيين فإن أمريكا هنا ستثير الحرب مرة أخرى و تنشب حربا بينها -السعودية -و بين إيران، و المنتصر منهم سيكون منهكا ضعيفا، ولا شك أن أمريكا لن تدخر جهدا في الإجهاز عليه باستعباده و أخذ ثرواته، و بهذا تكون قد ضمنت لليهود أمنهم و سيادتهم و إستقرارهم حسب زعمها بإضعاف المنطقة ، كما تكون بدورها قد ربحت الملايير لبيعها الأسلحة لجميع هذه الدول المتناحرة فيما بينها بعدما أنفقت عليهم القليل في بداية إذكائها للفتنة .
إخوتي هكذا تخطط أمريكا و من حالفها كما عهدناهم فكما قال أحد كبرائهم" ليس لدينا صديق دائم و لا عدو دائم ولكن لدينا مصالح دائمة" ، ولكن كن أيها المسلم على يقين بأن الأمر لن يكون إلا كما أراد الله سبحانه و تعالى القائل في كتابه الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ۗ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ }الأنفال 36.
قال بن كثير رحمه الله (...وإن كان سبب نزولها خاصا ، فقد أخبر تعالى أن الكفار ينفقون أموالهم ليصدوا عن اتباع طريق الحق ، فسيفعلون ذلك ، ثم تذهب أموالهم ، ( ثم تكون عليهم حسرة ) أي : ندامة ؛ حيث لم تجد شيئا ؛ لأنهم أرادوا إطفاء نور الله وظهور كلمتهم على كلمة الحق ، والله متم نوره ولو كره الكافرون ، وناصر دينه ، ومعلن كلمته ، ومظهر دينه على كل دين . فهذا الخزي لهم في الدنيا ، ولهم في الآخرة عذاب النار ، فمن عاش منهم ، رأى بعينه وسمع بأذنه ما يسوءه ، ومن قتل منهم أو مات ، فإلى الخزي الأبدي والعذاب السرمدي ؛ ولهذا قال : ( فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون )...)
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في تفسير هذه الأية :
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ۗ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ
يقول تعالى مبينا لعداوة المشركين وكيدهم ومكرهم، ومبارزتهم للّه ولرسوله، وسعيهم في إطفاء نوره وإخماد كلمته، وأن وبال مكرهم سيعود عليهم، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} أي: ليبطلوا الحق وينصروا الباطل، ويبطل توحيد الرحمن، ويقوم دين عبادة الأوثان. {َسَيُنْفِقُونَهَا} أي: فسيصدرون هذه النفقة، وتخف عليهم لتمسكهم بالباطل، وشدة بغضهم للحق، ولكنها ستكون عليهم حسرة، أي: ندامة وخزيا وذلا ويغلبون فتذهب أموالهم وما أملوا، ويعذبون في الآخرة أشد العذاب. ولهذا قال: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} أي: يجمعون إليها، ليذوقوا عذابها، وذلك لأنها دار الخبث والخبثاء .أهــ
قلت يقول الله تعالى :(يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) فالحق نور ساطع سينتشر و الباطل ظلام حالك سيندثر قال الله تعالى :(وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا) الإسراء 81
فاللهم فرج كرب إخواننا المسلمين في سوريا و في العراق واجعل كيد خصومهم في نحورهم و تدبيرهم تدمراعليهم وأرنا ما تقر به أعين الموحدين فيهم و في الروافض وفي كل من شايعهم من بني جلدتنا وصل اللهم وسلم على رسولنا الكريم .