أبناؤنا في ظل الواقع المفتون
يقول صلى الله عليه وسلم ( يوشك أن يكون خير مال المسلم غنمٌ يتبع به شعف الجبال ، ومواقع القطر ، يفر بدينه من الفتن ) رواه البخاري...
فتنٌ كقطع الليل المظلم، تُحيط بنا من كل جانب، وتُعرضُ علينا ليل نهار..
مُلهياتٌ ومحرمات... مُستنقعاتٌ للشهوات... محطاتٌ ممقوتة وفضائيات...تنشر شباكها هنا وهناك... جميعها يستهدف عقول شبابنا وفتياتنا.
وفي ظل هذه الفتن ، يقف الكثير منّا حائراً متسائلاً :
* كيف نربي أبنائنا تربية أسلامية صحيحة في ظل هذا الواقع المفتون...؟
* كيف يمكن أن نُنشئ جيلاً قوياً بعزيمته وأرادته وعقيدته كجيل علي بن أبي طالب ومعاذ بن جبل رضي الله عنهم وأرضاهم....؟؟
* كيف نبث حمل هم الإسلام، وحمل لوائه في نفوس أبنائنا...؟؟
أسئلة تطول ..... وفي هذا اللقاء نحاول أن نُجيب على بعضاً منها سائلين الله النفع والفائدة للجميع.....
ويسعدنا أن تكون ضيفتنا الأستاذة / أحلام الضبيعي ، محاضرة في قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة في كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود...
************
س1- ما هي أنواع الفتن......وأيهما أشد ضرراً على الأبناء..؟؟
للفتن أنواع كثيرة ، وقد ورد ذكر الفتن في كثير من أحاديث الرسو صلى الله عليه وسلم ، والملاحظ في هذه الأحاديث أنه قد ذكر فيها أمهات الفتن التي تكون في كل زمان ، وتندرج تحتها فتن فرعية تخرج بأثواب جديدة في كل زمان .
من أبرز الفتن المنتشرة في زماننا هذا : فتنة المال - فتنة الصحة والجمال - فتنة الفراغ - فتنة الانفتاح الثقافي والفكري ( العولمة ) ، وهذه الأخيرة هي أخطر فتنة على الأبناء إذا انضمت إليها الفتن السابقة .
************
س2- عقيدة هذا الجيل هشة...سهلة الانكسار والتغير....عكس ما عليه جيل الصحابة والسلف الصالح......فما الأسباب؟؟
الأسباب كثيرة في ذلك لعل من أبرزها :
1) ضعف الوازع الديني لدى بعض المجتمعات .
2) قلة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر .
3) الزهد في تعلم العلم الشرعي والتوجه إلى العلوم الدنيوية البحتة بحجة أنها أضمن للمستقبل كما يزعمون .
4) تساهل الوالدين وغلبة العاطفة عليهما بحيث لا ينكران على الأبناء سوء التصرف وقلة الاهتمام بالدين .
5) عدم الحرص على تعليم الأبناء العقيدة وأمور الدين.
6) الثقة العمياء التي يوليها الوالدان للأبناء والدفاع الضاري عنهما إذا بدر منهما أمور تخل بالدين والحياء.
************
س3- تعزيز المفهوم العقدي مطلوب من الآباء تجاه أبنائهم..... في نظرك متى يبدأ الآباء بتطبيق هذا المفهوم على الأبناء؟؟
يجب أن يبدأ تطبيق المفهوم العقدي منذ الصغر أي منذ أن يبدأ الطفل بنطق بعض الحروف والكلمات يحاول الوالدان أن يلقناه الشهادة باستمرار لأن الطفل وهو صغير يكون مستعدا للتلقين فيستقبل كل ما يعطى سواء كان خيرا أو شرا ولا يسأل عن المعاني والأسباب ، خاصة في فترة السنتين إلى الخمس سنوات على العكس من الطفل من سن ست سنوات فما فوق فإنه في هذا السن يبدأ بالسؤال عن كل شيء خاصة إذا كان مستوى ذكاؤه مرتفع.
************
س4- ما هي الأساسيات التي لا بُد من الوالدين أن يُزودا بها أبنائهم منذ بداية نشأتهم؟؟
الأساسيات هي ما أمرنا به الرسو صلى الله عليه وسلم من التأذين في أذنه اليمنى والإقامة في اليسرى ، وعدم الكذب عليه حتى لا يتعلم هذا الخلق الذميم وأمره بالصلاة إذا بلغ سبع سنين وضربه عليها إذا بلغ العاشرة ولم يحافظ عليها ، والتفريق بين الأبناء في المضاجع ، وآداب الاستئذان ، وتعليمه أساسيات العقيدة ( من ربك ما دينك من نبيك ) ، أين الله ، كل هذه الأمور التي كان الرسو صلى الله عليه وسلم يعلمها ويطبقها .
إضافة إلى عدم إيقاع الأبناء في الحيرة من أمرهم وذلك بسبب تناقض الوالدين فتجد بعض الآباء والأمهات يقولون ما لا يفعلون فيجب على الوالدين أن يعلما الأبناء ويطبقا في نفس الوقت حتى يرسخ المبدأ العقدي في ذهن الأبناء.
************
س5- كيف نتعامل مع الأخطاء والتجاوزات الشرعية التي تصدر من أبنائنا..؟؟
الأخطاء الشرعية إذا صدرت أول مرة من الأبناء فيجب التعامل معها بكل رفق فإن الرفق ما كان في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه فيعلم الأبناء في البداية أن هذا العمل لا يجوز وأنه يغضب الله سبحانه وتعالى ويبين له ما هو الفعل البديل الذي يجب عليه أن يقوله أو يفعله لأن هذه الطريقة كان ينتهجها الرسو صلى الله عليه وسلم مع أصحابه رضوان الله عليهم مثل قوله : (( لا تقولوا ما شاء الله وشئت وقولوا ما شاء الله وحده )) ، هذا التصرف يقي الوالدين من سؤال ابنيهما : إذن ماذا أفعل أو ماذا أقول ؟
ومسألة مهمة أيضا يجب التنبيه لها وهي أن كل أب وأم لهما أن يعرفا ما هي طبيعة ابنيهما هل هو من النوع الذي يقبل النصح مباشرة ؟ أو أنه يتضايق من هذا الأمر فيضطر الوالدان أن ينتهجا مسلكا آخر في النصح والتوجيه كأسلوب القصة مثلا أو التلميح أو غير ذلك من الأساليب.منقول