منتدى التوحيد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى التوحيد

 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  دخول  التسجيلالتسجيل  
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» لتعليم بالعمل
    جمع الجيوش و الدساكر على أهل الإرجاء المعاصر *1* Emptyالإثنين 18 أكتوبر - 20:04 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» شرح نخبة الفكر الشيخ يعد بن عبد الله لحميد
    جمع الجيوش و الدساكر على أهل الإرجاء المعاصر *1* Emptyالسبت 15 مايو - 13:40 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» الجهود المبذولة في قتل الإسلام سعد بن عبدالله الحميد
    جمع الجيوش و الدساكر على أهل الإرجاء المعاصر *1* Emptyالسبت 15 مايو - 0:47 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» أثَرُ الأكثَرِيَّةِ في تقويةِ قَولٍ ما (تاركُ الصَّلاةِ كَسَلًا أُنموذَجًا)
    جمع الجيوش و الدساكر على أهل الإرجاء المعاصر *1* Emptyالخميس 13 مايو - 0:39 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» أحكام زكاة الفطر
    جمع الجيوش و الدساكر على أهل الإرجاء المعاصر *1* Emptyالأربعاء 12 مايو - 3:52 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» الأقوالُ الرَّاجِحة المُتعقِّلة في أنَّ ليلةَ القَدْرِ مُتنقِّلة
    جمع الجيوش و الدساكر على أهل الإرجاء المعاصر *1* Emptyالثلاثاء 11 مايو - 23:12 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» إخراجُ زكاةِ الفِطرِ نُقودًا مجانِبٌ للصَّوابِ
    جمع الجيوش و الدساكر على أهل الإرجاء المعاصر *1* Emptyالإثنين 3 مايو - 13:50 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

»  فائدة منتقاة من كتاب «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» للإمام أبي بكر عبد الله ابن أبي الدنيا -رحمه الله-.
    جمع الجيوش و الدساكر على أهل الإرجاء المعاصر *1* Emptyالإثنين 3 مايو - 1:55 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» العلم
    جمع الجيوش و الدساكر على أهل الإرجاء المعاصر *1* Emptyالأحد 2 مايو - 3:48 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» مطوية (اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ‏)
    جمع الجيوش و الدساكر على أهل الإرجاء المعاصر *1* Emptyالإثنين 6 أبريل - 13:41 من طرف عزمي ابراهيم عزيز

المواضيع الأكثر نشاطاً
بطاقات وعظية
مطوية (قُلْ صَدَقَ اللَّهُ)
مطوية ( رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي )
حكم الاشتراك في ثمن الشاة الأضحية بين الأخوة الأشقاء
مطوية (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ)
مطوية_فضائل العشر من ذي الحجة وتنبيهات حول أحكام الأضحية والذكاة
مطوية (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ)
موقع الجماعة المؤمنة أنصار الله
مطوية ( وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ)
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)






 

  جمع الجيوش و الدساكر على أهل الإرجاء المعاصر *1*

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أبو عبد الله عبد الكريم
أبو عبد الله
أبو عبد الله



عدد المساهمات : 1917
نقاط : 6032
تاريخ التسجيل : 14/03/2011
العمر : 45
الموقع : منتدى أنصار الحق

    جمع الجيوش و الدساكر على أهل الإرجاء المعاصر *1* Empty
مُساهمةموضوع: جمع الجيوش و الدساكر على أهل الإرجاء المعاصر *1*       جمع الجيوش و الدساكر على أهل الإرجاء المعاصر *1* Emptyالثلاثاء 27 نوفمبر - 21:57



جمع الجيوش و الدساكر على أهل الإرجاء المعاصر


((فَالْأَعْمَالُ بِالْجَوَارِحِ تَصْدِيقٌ عَلَى الْإِيمَانِ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ فَمَنْ لَمْ يُصَدِّقِ الْإِيمَانَ بِعَمَلِهِ بِجَوَارِحِهِ مِثْلِ الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ وَأَشْبَاهٍ لِهَذِهِ، وَمَنْ رَضِيَ لِنَفْسِهِ بِالْمَعْرِفَةِ وَالْقَوْلِ دُونَ الْعَمَلِ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا، وَلَمْ تَنْفَعْهُ الْمَعْرِفَةُ وَالْقَوْلُ، وَكَانَ لِلْعَمَلِ تَكْذِيبًا مِنْهُ لِإِيمَانِهِ، وَكَانَ الْعِلْمُ بِمَا ذَكَرْنَا تَصْدِيقًا مِنْهُ لِإِيمَانِهِ، فَاعْلَمْ ذَلِكَ هَذَا مَذْهَبُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، فَمَنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا فَهُوَ مُرْجِئٌ خَبِيثٌ، احْذَرْهُ عَلَى دِينِكَ)) أ.هـ الأربعين حديثا للإمام الآجري ط أضواء السلف

(( فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ شَرَائِعِ الْإِيمَانِ وَأَحْكَامِهِ وَفَرَائِضِهِ لَيْسَتْ مِنَ الْإِيمَانِ , وَأَنَّ التَّارِكَ لَهَا وَالْمُتَثَاقِلَ عَنْهَا مُؤْمِنٌ , فَقَدَ أَعْظَمَ الْفِرْيَةَ , وَخَالَفَ كِتَابَ اللَّهِ , وَنَبَذَ الْإِسْلَامَ وَرَاءَ ظَهْرِهِ , وَنَقَضَ عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ )) أ.هـ

(( وَمَنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ وَقَالَهُ بِلِسَانِهِ , ثُمَّ تَرَكَهُ تَهَاوُنًا وَمُجُونًا أَوْ مُعْتَقِدًا لَرَأْيِ الْمُرْجِئَةِ وَمُتَّبِعًا لِمَذَاهِبِهِمْ , فَهُوَ تَارِكُ الْإِيمَانِ لَيْسَ فِي قَلْبِهِ مِنْهُ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ وَهُوَ فِي جُمْلَةِ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ نَافَقُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَنَزَلَ الْقُرْآنُ بِوَصْفِهِمْ وَمَا أُعِدَّ لَهُمْ , وَإِنَّهُمْ فِي الدَّرَكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ، نَسْتَجِيرُ بِاللَّهِ مِنْ مَذَاهِبِ الْمُرْجِئَةِ الضَّالَّةِ )) أ.هـ الإبانة الكبرى للإمام ابن بطة العكبري

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و لا عدوان إلا على الظالمين و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الذي فرض الإيمان على القلب و اللسان و الجوارح مجتمعين، و الصلاة و السلام على سيد الأنبياء و المرسلين نبينا محمد و على آله و صحبه و التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .

أما بعد : فقد يسر الله جل و علا في المقال السابق نقض الشبهات التي أثيرت حول إجماع صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم في كفر تارك الصلاة و أتينا على بنيانها من القواعد و لم نسمع للمخالف ركزا و همسا،و قد كان الغرض من وراء التشكيك في هذا الإجماع التوصل إلى تصحيح الخلاف في ما أجمع عليه السلف من (( أَنَّ الَّذِيَ عَلَيْهِ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الْإِيمَانَ وَاجِبٌ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ، وَهُوَ التَّصْدِيقُ بِالْقَلْبِ، وَإِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ، وَعَمَلٌ بِالْجَوَارِحِ، ... ))

و (( أَنَّهُ لَا تُجْزِئُ الْمَعْرِفَةُ بِالْقَلْبِ وَهُوَ التَّصْدِيقُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ إِيمَانٌ بِاللِّسَانِ، وَحَتَّى يَكُونَ مَعَهُ نُطْقٌ، وَلَا تُجْزِئُ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ وَالنُّطْقِ بِاللِّسَانِ حَتَّى يَكُونَ مَعَهُ عَمَلٌ بِالْجَوَارِحِ ))

إذ :((فَالْأَعْمَالُ بِالْجَوَارِحِ تَصْدِيقٌ عَلَى الْإِيمَانِ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ فَمَنْ لَمْ يُصَدِّقِ الْإِيمَانَ بِعَمَلِهِ بِجَوَارِحِهِ مِثْلِ الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ وَأَشْبَاهٍ لِهَذِهِ، وَمَنْ رَضِيَ لِنَفْسِهِ بِالْمَعْرِفَةِ وَالْقَوْلِ دُونَ الْعَمَلِ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا، وَلَمْ تَنْفَعْهُ الْمَعْرِفَةُ وَالْقَوْلُ، وَكَانَ لِلْعَمَلِ تَكْذِيبًا مِنْهُ لِإِيمَانِهِ، وَكَانَ الْعِلْمُ بِمَا ذَكَرْنَا تَصْدِيقًا مِنْهُ لِإِيمَانِهِ، فَاعْلَمْ ذَلِكَ هَذَا مَذْهَبُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، فَمَنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا فَهُوَ مُرْجِئٌ خَبِيثٌ، احْذَرْهُ عَلَى دِينِكَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دَيْنُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5 ] )) أ.هـ الأربعين حديثا للإمام الآجري ط أضواء السلف

و قد استعنت الله تعالى في تكملة الرد على شبهات المرجئة عسى الله أن يحشرنا في جملة من ينفون عن دينه تحريف الغالين و انتحال المبطلين و تمويه المرجئة الضالين و حسبنا الله و نعم الوكيل .

و قد انتظم هذا البحث في :

1- تقرير مذهب أهل السنة المحضة في مسمى الإيمان

2- أقوال بعض أهل العلم في لزوم اجتماع أركان الإيمان الثلاثة في مسمى الإيمان ،و أن قول القائل بنجاة تارك أعمال الجوارح مذهب أهل البدع من المرجئة و الجهمية

3- تلازم الظاهر و الباطن عند السلف

4- شبهات و أغلاط المرجئة من كلام الإمام ابن تيمية

مذهب أهل السنة المحضة في مسمى الإيمان

ممن حكى الإجماع على قول السلف في الإيمان و أن أركانه لا تنفع إلا مجتمعة :الشافعي رحمه الله ،كما ذكر الآجري في (الشريعة ) و شيخ الإسلام (الإيمان الأوسط ط مؤسسة الرسالة ) :

((و كان كل من الطائفتين بعد السلف و الجماعة و أهل الحديث متناقضين،حيث قالوا:الإيمان قول و عمل و قالوا مع ذلك لا يزول بزوال بعض الأعمال،حتى إن ابن الخطيب و أمثاله جعلوا الشافعي متناقضا في ذلك،فإن الشافعي كان من أئمة السنة و له في الرد على المرجئة كلام مشهور،وقد ذكر في كتاب الطهارة من (الأم) إجماع الصحابة و التابعين و تابعيهم على قول أهل السنة''..)) اهـ الأوسط ص 36

وقال أيضا :

(( ولهذا كان القول :إن الإيمان قول و عمل عند أهل السنة ،و من شعائر أهل السنة و حكى غير واحد الإجماع على ذلك ،و قد ذكرنا عن الشافعي رضي الله عنه ما ذكره من الإجماع على ذلك قوله في ((الأم)) : وكان الإجماع من الصحابة، والتابعين من بعدهم, ومن أدركناهم يقولون :الإيمان : قول وعمل ونية ؛ لا يجزئ واحد من الثلاثة إلا بالآخر )) .اهـ الإيمان الكبير ص241 ت الألباني .

فالإيمان عند أهل السنة إذا: قول و عمل ،يزيد بالطاعة،و ينقص بالمعصية، و يجوز الاستثناء فيه على سبيل الموافاة والكمال،فالقول المطلق يشمل قول القلب و اللسان،و العمل المطلق يشمل عمل القلب و الجوارح و الكل لازم–مع القدرة و التمكن- سواء لتحقيق الإيمان الواجب أو الكامل المطلق،

قال الإمام أبو بكر الآجري رحمه الله :

(( حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: " الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ: فَقُلْتُ لِهِشَامٍ: فَمَا تَقُولُ أَنْتَ؟ فَقَالَ: " الْإِيمَانُ: قَوْلٌ وَعَمَلٌ " وَكَانَ مُحَمَّدٌ الطَّائِفِيُّ يَقُولُ: «الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ» . قَالَ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ: وَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَقُولُ: «الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ» قَالَ يَحْيَى: وَكَانَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: «الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ» ، قَالَ: وَكَانَ فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ يَقُولُ: «الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ))

((فَالْأَعْمَالُ رَحِمَكُمُ اللَّهُ بِالْجَوَارِحِ: تَصْدِيقٌ عَنِ الْإِيمَانِ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ، فَمَنْ لَمْ يُصَدِّقِ الْإِيمَانَ بِعَمَلِهِ وَبِجَوَارِحِهِ: مِثْلُ الطَّهَارَةِ، وَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ، وَأَشْبَاهٌ لِهَذِهِ وَرَضِيَ مِنْ نَفْسِهِ بِالْمَعْرَفِةِ وَالْقَوْلِ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا، وَلَمْ يَنْفَعْهُ الْمَعْرِفَةُ وَالْقَوْلُ، وَكَانَ تَرْكُهُ لِلْعَمَلِ تَكْذِيبًا مِنْهُ لِإِيمَانِهِ، وَكَانَ الْعَمَلُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ تَصْدِيقًا مِنْهُ لِإِيمَانِهِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ ))


و قال شيخ الاسلام شارحا قول السلف في هذا (الإيمان الأوسط ص 33- 34 )

(( فقول السلف يتضمن القول و العمل،الباطن و الظاهر،لكن لما كان بعض الناس قد لا يفهم دخول النية في ذلك قال بعضهم:و نية ،ثم بين آخرون أن مطلق القول و العمل و النية لا يكون مقبولا إلا بموافقة السنة،و هذا حق أيضا،فإن أولئك قالوا : قول و عمل لاشتماله على الجنس و لم يكن مقصودهم ذكر صفات الأقوال و الأعمال،و كذلك قول من قال:اعتقاد بالقلب و قول باللسان،و عمل بالجوارح،جعل القول اسما لما يظهر فاحتاج أن يضم إلى ذلك اعتقاد القلب و لا بد أن يدخل في قوله اعتقاد القلب أعمال القلب المقارنة لتصديقه مثل حب الله و خشية الله و التوكل على الله،و نحو ذلك،فإن دخول أعمال القلب في الإيمان أولى من دخول أعمال الجوارح باتفاق الطوائف كلها)) اهـ

قلت : فقوله رحمه الله:(( فإن أولئك قالوا :قول و عمل لاشتماله على الجنس و لم يكن مقصودهم ذكر صفات الأقوال و الأعمال)) صريح في لزوم أركان الإيمان الثلاثة القول باللسان و الاعتقاد و عمل القلب و الجوارح-مع القدرة- لتحقيق الإيمان الواجب و قد بين رحمه الله أن المراد منها : جنس القول و العمل،و هذا ظاهر كلامه،على أننا نذكر: إن إطلاق شيخ الاسلام عمل القلب دون الجوارح أحيانا،يدل بطريق اللزوم على أعمال الجوارح فهما أمران متلازمان عنده كما سيأتي،و عليه فلا مستمسك للمخالف بنصوص يوهم ظاهرها تحقق مطلق الإيمان بدون شيء من العمل الظاهر مع القدرة و الله الموفق .


التلازم بين الظاهر و الباطن عند أهل السنة


إن مما يعين على فهم مذهب السلف الصالح و تحرير مذهبهم في مسألة الإيمان والكفر ضبط هذه القاعدة الأصيلة التي دل عليها كتاب الله عز و جل و سنة رسوله، و العقل السليم من الشبهات،فالظاهر عنوان الباطن و مترجم لما ينطوي عليه و أهل العلم مطبقون على هذا الأصل إذ الأحكام الدنيوية مبنية على الظاهر،فالمنافق إذا أظهر نفاقه حكم بردته و لم ينفعه دعواه الإيمان و كذلك أهل الشرك من القبوريين أو عباد الأموات و ما دخلت على مرجئة عصرنا شبهة إعذار الجاهل بالتوحيد إلا لعدم ضبطهم لأصول أهل السنة في باب الأسماء و الأحكام و الله المستعان .

و من ثمرات هذه القاعدة أن الكفر عند أهل السنة يكون بالفعل كما يكون بالقول و الاعتقاد أو الشك،و من شبه الجهمية في هذا الباب دعواهم إمكان إظهار ما هو كفر كسب الله أو الرسول أو غيرها من المكفرات مع ثبوت إيمان من قام به هذا الوصف !! و قد فند هذه الشبهة شيخ الاسلام في مواضع كثيرة من كتبه كالصارم المسلول و الإيمان الكبير ...

يقول شيخ الاسلام مبينا هذا الأصل،و مقررا له:الإيمان الأوسط ص 60

((و المرجئة أخرجوا العمل الظاهر عن الإيمان فمن قصد منهم إخراج أعمال القلوب أيضا ،و جعلها هي التصديق فهذا ضلال بين ،و من قصد إخراج العمل الظاهر قيل لهم :العمل الظاهر لازم للعمل الباطن لا ينفك عنه ،و انتفاء الظاهر دليل على انتفاء الباطن ))

(( وقال : و متى حصل له هذا الإيمان،وجب ضرورة أن يحصل له الإسلام الذي هو الشهادتان و الصلاة و الصيام و الحج،لأن إيمانه بالله و ملائكته و رسله يقتضي الاستسلام لله و الانقياد له،و إلا فمن الممتنع أن يكون قد حصل له الإقرار و الحب و الانقياد باطنا و لا يحصل ذلك في الظاهر مع القدرة عليه كما يمتنع وجود الإرادة الجازمة مع القدرة بدون و جود المراد ))

(( و قيل لمن قال دخول الأعمال الظاهرة في اسم الإيمان مجاز نزاعك لفظي ،فإنك إذا سلمت أن هذه لوازم الإيمان الواجب الذي في القلب و موجباته كان عدم اللازم موجبا لعدم الملزوم،فيلزم من عدم هذا الظاهر عدم الباطن فإذا اعترفت بهذا كان النزاع لفظيا.. )) ص 74

و قال رحمه الله ص 61

(( و السلف اشتد نكيرهم على المرجئة لما أخرجوا العمل من الإيمان ... و أيضا فإخراجهم العمل يشعر أنهم أخرجوا أعمال القلوب أيضا و هذا باطل قطعا ،فإن من صدق السول و أبعضه و عاداه بقلبه و بدنه فهو كافر قطعا بالضرورة ،و إن أدخلوا أعمال القلوب في الإيمان أخطأوا أيضا لامتناع قيام الإيمان بالقلب من غير حركة بدن. .)) اهـ

وقال العلامة ابن القيم رحمه الله: (الصلاة و حكم تاركها ط دار الكتب العلمية ص 19 )

((و هذا من أمحل المحال أن يقوم بقلب العبد إيمان جازم لا يتقاضاه فعل طاعة و لا ترك معصية،و نحن نقول الإيمان هو التصديق و لكن ليس التصديق مجرد اعتقاد صدق المخبر دون الانقياد له،ولو كان مجرد اعتقاد التصديق إيمانا لكان إبليس و فرعون و قومه و قوم صالح و اليهود الذين عرفوا أن محمدا رسول الله كما يغرفون آباءهم مؤمنين مصدقين..)) اهـ

و قال رحمه ص 24

(( و هاهنا أصل آخر،و هو أن حقيقة الإيمان مركبة من قول و عمل و القول قسمان :قول القلب و هو الاعتقاد،و قول اللسان و هو التكلم بكلمة الإسلام.و العمل قسمان:عمل القلب و هو نيته و إخلاصه،و عمل الجوارح ...

و إذا كان الإيمان يزول بزوال عمل القلب ،فغير مستنكر أن يزول بزوال أعظم أعمال الجوارح،و لا سيما إذا كان ملزوما لعدم محبة القلب و انقياده الذي هو ملزوم لعدم التصديق الجازم،كما تقدم تقريره،فإنه يلزم من عدم طاعة القلب عدم طاعة الجوارح،إذا لو أطاع القلب انقاد أطاعت الجوارح و انقادت،و يلزم من عدمه طاعته و انقياده عدم التصديق المستلزم للطاعة و هو حقيقة الإيمان.فإن الإيمان ليس مجرد التصديق –كما تقدم بيانه-و إنما هو التصديق المستلزم للطاعة و الانقياد...)) اهـ

و قال العلامة الشيخ حافظ حكمي رحمه الله مشيرا إلى هذا التقرير: (معارج القبول ج2/ص19 ط دار ابن رجب ت الأزهري )

((و محال أن ينتفي انقياد الجوارح بالأعمال الظاهرة مع ثبوت عمل القلب،قال النبي صلى الله عليه و سلم:((إن في الجسد مضغة إذا فسدت فسد الجسد كله ألا و هي القلب)) .و من هنا يتبين لك قول من قال من أهل السنة في الإيمان هو التصديق على ظاهر اللغة ،أنهم عنوا التصديق الإذعاني المستلزم للانقياد ظاهرا و باطنا بلا شك ،لم يعنوا مجرد التصديق ...)) اهـ

قلت : بهذا التأصل يتبين خطأ المرجئة المعاصرين الذين يحملون نصوص بعض الأئمة التي يوحي ظاهرها أن عمل القلب وحده مجزئ في تحقيق الإيمان المنجي الواجب،أو اعتباره موضع الخلاف مع المرجئة ! و كيف يسلم لهم هذا و هؤلاء العلماء يقررون-كما سبق- تلازم الظاهر و الباطن، و علاقتهما الوثيقة،كما نضيف إلى هذا: إن هؤلاء ممن يكفر بترك الصلاة فكيف ينسب إليهم القول بنجاة تارك الأعمال بالكلية !؟

أقوال بعض أهل العلم في لزوم اجتماع أركان الإيمان الثلاثة في مسمى الإيمان

الإمام محمد بن الحسين الآجري (ت 360) ( الشريعة ج1/ ص 274-275 -277- 278-280-284-288-289 ط مؤسسة قرطبة ت الوليد النصر )

(( بَابُ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْإِيمَانَ تَصْدِيقٌ بِالْقَلْبِ، وَإِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ، وَعَمَلٌ بِالْجَوَارِحِ لَا يَكُونُ مُؤْمِنًا، إِلَّا أَنْ تَجْتَمِعَ فِيهِ هَذِهِ الْخِصَالُ الثَّلَاثُ

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: اعْمَلُوا رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ أَنَّ الَّذِيَ عَلَيْهِ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الْإِيمَانَ وَاجِبٌ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ، وَهُوَ تَصْدِيقٌ بِالْقَلْبِ، وَإِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ، وَعَمَلٌ بِالْجَوَارِحِ، ثُمَّ اعْلَمُوا أَنَّهُ لَا تُجْزِئُ الْمَعْرِفَةُ بِالْقَلْبِ وَالتَّصْدِيقٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ الْإِيمَانُ بِاللِّسَانِ نُطْقًا، وَلَا تُجْزِيءُ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ، وَنُطْقٌ بِاللِّسَانِ، حَتَّى يَكُونَ عَمَلٌ بِالْجَوَارِحِ، فَإِذَا كَمُلَتْ فِيهِ هَذِهِ الثَّلَاثُ الْخِصَالِ: كَانَ مُؤْمِنًا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْقُرْآنُ، وَالسُّنَّةُ، وَقَوْلُ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ: فَأَمَّا مَا لَزِمَ الْقَلْبَ مِنْ فَرْضِ الْإِيمَانِ فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ)) أ.هـ

(( وَأَخْبَرَنَا أَيْضًا خَلَفُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ قَالَ: سَأَلْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ: عَنِ الْإِيمَانِ؟ فَقَالَ: «قَوْلٌ وَعَمَلٌ» وَسَأَلْتُ ابْنَ الْجَرِيحِ، فَقَالَ: «قَوْلٌ وَعَمَلٌ» وَسَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، فَقَالَ: «قَوْلٌ وَعَمَلٌ» , وَسَأَلْتُ نَافِعَ بْنَ عُمَرَ الْجُمَحِيَّ، فَقَالَ: «قَوْلٌ وَعَمَلٌ» ، وَسَأَلْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ، فَقَالَ: «قَوْلٌ وَعَمَلٌ» وَسَأَلْتُ فُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ، فَقَالَ: «قَوْلٌ وَعَمَلٌ» وَسَأَلْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، فَقَالَ: «قَوْلٌ وَعَمَلٌ» ، قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: وَسَمِعْتُ وَكِيعًا يَقُولُ: " أَهْلُ السُّنَّةِ يَقُولُونَ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَالْمُرْجِئَةُ يَقُولُونَ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ، وَالْجَهْمَيَّةُ يَقُولُونَ: الْإِيمَانُ الْمَعْرِفَةُ )) أ.هـ

(( حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: " الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ: فَقُلْتُ لِهِشَامٍ: فَمَا تَقُولُ أَنْتَ؟ فَقَالَ: " الْإِيمَانُ: قَوْلٌ وَعَمَلٌ " وَكَانَ مُحَمَّدٌ الطَّائِفِيُّ يَقُولُ: «الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ» . قَالَ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ: وَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَقُولُ: «الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ» قَالَ يَحْيَى: وَكَانَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: «الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ» ، قَالَ: وَكَانَ فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ يَقُولُ: «الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ))

((فَالْأَعْمَالُ رَحِمَكُمُ اللَّهُ بِالْجَوَارِحِ: تَصْدِيقٌ عَنِ الْإِيمَانِ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ، فَمَنْ لَمْ يُصَدِّقِ الْإِيمَانَ بِعَمَلِهِ وَبِجَوَارِحِهِ: مِثْلُ الطَّهَارَةِ، وَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ، وَأَشْبَاهٌ لِهَذِهِ وَرَضِيَ مِنْ نَفْسِهِ بِالْمَعْرَفِةِ وَالْقَوْلِ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا، وَلَمْ يَنْفَعْهُ الْمَعْرِفَةُ وَالْقَوْلُ، وَكَانَ تَرْكُهُ لِلْعَمَلِ تَكْذِيبًا مِنْهُ لِإِيمَانِهِ، وَكَانَ الْعَمَلُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ تَصْدِيقًا مِنْهُ لِإِيمَانِهِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ ))

((وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهَمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44] فَقَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمَّتِهِ شَرَائِعَ الْإِيمَانِ أَنَّهَا عَلَى هَذَا النَّعْتِ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ، وَبَيَّنْ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ أَنَّ الْإِيمَانَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِعَمَلٍ، وَبَيَّنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافَ مَا قَالَتِ الْمُرْجِئَةُ، الَّذِينَ لَعِبَ بِهِمُ الشَّيْطَانُ ))

((قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: اعْلَمُوا رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ، وَيَا أَهْلَ الْعِلْمِ، وَيَا أَهْلَ السُّنَنِ وَالْآثَارِ، وَيَا مَعْشَرَ مَنْ فَقَّهَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الدِّينِ، بِعِلْمِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ أَنَّكُمْ إِنْ تَدَبَّرْتُمُ الْقُرْآنَ، كَمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ تَعَالَى عَلِمْتُمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ بِهِ وَبِرَسُولِهِ: الْعَمَلَ، وَأَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يُثْنِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّهُ قَدْ رَضِيَ عَنْهُمْ وَأَنَّهُمْ قَدْ رَضُوا عَنْهُ وَأَثَابَهُمْ عَلَى ذَلِكَ الدُّخُولَ إِلَى الْجَنَّةِ، وَالنَّجَاةَ مِنَ النَّارِ، إِلَّا الْإِيمَانَ وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ وَقَرَنَ مَعَ الْإِيمَانِ الْعَمَلَ الصَّالِحَ، لَمْ يُدْخِلْهُمُ الْجَنَّةَ بِالْإِيمَانِ وَحْدَهُ، حَتَّى ضَمَّ إِلَيْهِ الْعَمَلَ الصَّالِحَ، الَّذِي قَدْ وَفَّقَهُمْ لَهُ، فَصَارَ الْإِيمَانُ لَا يَتِمُّ لِأَحَدٍ حَتَّى يَكُونَ مُصَدِّقًا بِقَلْبِهِ، وَنَاطِقًا بِلِسَانِهِ، وَعَامِلًا بِجَوَارِحِهِ لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ تَدَبَّرَ الْقُرْآنَ وَتَصَفَّحَهُ، وَجَدَهُ كَمَا ذَكَرْتُ وَاعْلَمُوا رَحِمَنَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِيَّاكُمْ أَنِّي قَدْ تَصَفَّحْتُ الْقُرْآنَ فَوَجَدْتُ فِيهِ مَا ذَكَرْتُهُ فِي سِتَّةٍ وَخَمْسِينَ مَوْضِعًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمْ يُدْخِلِ الْمُؤْمِنِينَ الْجَنَّةَ بِالْإِيمَانِ وَحْدَهُ، بَلْ أَدْخَلَهُمُ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ، وَبِمَا وَفَقَّهُمْ لَهُ مِنَ الْإِيمَانِ بِهِ، وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَهَذَا رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ: الْإِيمَانُ: الْمَعْرِفَةُ , وَرَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ: الْمَعْرِفَةُ وَالْقَوْلُ، وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ قَائِلِ هَذَا )) أ.هـ

((قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: مَيِّزُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ قَوْلَ مَوْلَاكُمُ الْكَرِيمِ: هَلْ ذَكَرَ الْإِيمَانَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا وَقَدْ قَرَنَ إِلَيْهِ الْعَمَلَ الصَّالِحَ؟ وَقَالَ تَعَالَى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10] فَأَخْبَرَ تَعَالَى بِأَنَّ الْكَلِمَ الطَّيِّبَ حَقِيقَةٌ أَنْ يُرْفَعَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالْعَمَلِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ عَمَلٌ بَطَلَ الْكَلَامُ مِنْ قَائِلِهِ، وَرُدَّ عَلَيْهِ، وَلَا كَلَامٌ طَيِّبٌ أَجَلَّ مِنَ التَّوْحِيدِ وَلَا عَمَلٌ مِنْ أَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ أَجَلَّ مِنْ أَدَاءِ الْفَرَائِضِ ))

(( قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: وَكَذَلِكَ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُتَّقِينَ فِي كِتَابِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْهُ، وَدُخُولَهَمُ الْجَنَّةَ، فَقَالَ: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: 32] وَهَذَا فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ يَطُولُ بِهِ الْكِتَابُ لَوْ جَمَعْتُهُ , مِثْلَ قَوْلِهِ فِي الزُّخْرُفِ {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف: 67] إِلَى قَوْلِهِ {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الزخرف: 72] وَمِثْلَ قَوْلِهِ فِي سُورَةِ ق، وَالذَّارِيَاتِ، وَالطُّورِ، مِثْلَ قَوْلِهِ: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ، فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ، كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } ..

قالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: كُلُّ هَذَا يَدُلُّ الْعَاقِلَ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ لَيْسَ بِالتَّحَلِّي وَلَا بِالتَّمَنِّي وَلَكِنْ مَا وَقَرَ فِي الْقُلُوبِ، وَصَدَّقَتْهُ الْأَعْمَالُ، كَذَا قَالَ الْحَسَنُ وَغَيْرُهُ، وَأَنَا بَعْدَ هَذَا أَذْكُرُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَعَنْ كَثِيرٍ مِنَ التَّابِعِينَ أَنَّ الْإِيمَانَ تَصْدِيقٌ بِالْقَلْبِ، وَقَوْلٌ بِاللِّسَانِ، وَعَمَلٌ بِالْجَوَارِحِ، وَمَنْ لَمْ يَقُلْ عِنْدَهُمْ بِهَذَا فَقَدْ كَفَرَ )) أ.هـ

و قال رحمه الله في كتابه ( الأربعبن حديثا للآجري ط أضواء السلف ص 110-113):

((12- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْآجُرِّيُّ , قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى بْنُ سُكَيْنٍ الْبَلْدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الْمَوْصِلِي قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ صَالِحٍ الْخُرَاسَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الرِّضَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى عَنْ أَبِيه مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْإِيمَانُ قَوْلٌ بِاللِّسَانِ، وَعَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ، وَيَقِينٌ بِالْقَلْبِ»

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: هَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ كَبِيرٌ فِي الْإِيمَانِ عِنْدَ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، لَا يُخَالِفُ هَذَا الْأَمْرَ إِلَّا مُرْجِئٌ خَبِيثٌ مَهْجُورٌ مَطْعُونٌ عَلَيْهِ فِي دِينِهِ، وَأَنَا أُبَيِّنُ مَعْنَى هَذَا لِيَعْلَمَهُ جَمِيعُ مَنْ نَظَرَ فِيهِ نَصِيحَةً لِلْمُؤْمِنِينَ. اعْلَمُوا رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ أَنَّ الَّذِيَ عَلَيْهِ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الْإِيمَانَ وَاجِبٌ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ، وَهُوَ التَّصْدِيقُ بِالْقَلْبِ، وَإِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ، وَعَمَلٌ بِالْجَوَارِحِ، ثُمَّ اعْلَمُوا رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ أَنَّهُ لَا تُجْزِئُ الْمَعْرِفَةُ بِالْقَلْبِ وَهُوَ التَّصْدِيقُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ إِيمَانٌ بِاللِّسَانِ، وَحَتَّى يَكُونَ مَعَهُ نُطْقٌ، وَلَا تُجْزِئُ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ وَالنُّطْقِ بِاللِّسَانِ حَتَّى يَكُونَ مَعَهُ عَمَلٌ بِالْجَوَارِحِ، فَإِذَا كَمُلَتْ فِيهِ هَذِهِ الْخِصَالُ الثَّلَاثَةُ كَانَ مُؤْمِنًا وَحَقًّا، دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابُ، وَالسُّنَّةُ، وَقَوْلُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَّا مَا لَزِمَ الْقَلْبَ مِنْ فَرْضِ الْإِيمَانِ فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ} [المائدة: 41] إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [البقرة: 114] ....

.... فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ عَلَى الْقَلْبِ فَرْضَ الْإِيمَانِ وَهُوَ التَّصْدِيقُ وَالْمَعْرِفَةُ، وَلَا يَنْفَعُ الْقَوْلُ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْقَلْبُ مُصَدِّقًا بِمَا يَنْطِقُ بِهِ اللِّسَانُ مَعَ الْعَمَلِ، وَأَمَّا فَرْضُ الْإِيمَانِ بِاللِّسَانِ فَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ، وَيَعْقُوبَ، وَالْأَسْبَاطِ، وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى، وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ، مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا، وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ} الْآيَةَ، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ: {قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ} الْآيَةَ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ. . .» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، فَهَذَا الْإِيمَانُ بِاللِّسَانِ نُطْقًا وَاجِبًا، وَأَمَّا الْإِيمَانُ بِمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَى الْجَوَارِحِ تَصْدِيقًا لِمَا آمَنَ بِهِ الْقَلْبُ وَنَطَقَ بِهِ اللِّسَانُ، فَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: 77]
وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنَ الْقُرْآنِ، وَمِثْلُهُ فَرْضُ الصِّيَامِ عَلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ، وَمِثْلُهُ فَرْضُ الْحَجِّ، وَفَرْضُ الْجِهَادِ عَلَى الْبَدَنِ بِجَمِيعِ الْجَوَارِحِ، فَالْأَعْمَالُ بِالْجَوَارِحِ تَصْدِيقٌ عَلَى الْإِيمَانِ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ فَمَنْ لَمْ يُصَدِّقِ الْإِيمَانَ بِعَمَلِهِ بِجَوَارِحِهِ مِثْلِ الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ وَأَشْبَاهٍ لِهَذِهِ، وَمَنْ رَضِيَ لِنَفْسِهِ بِالْمَعْرِفَةِ وَالْقَوْلِ دُونَ الْعَمَلِ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا، وَلَمْ تَنْفَعْهُ الْمَعْرِفَةُ وَالْقَوْلُ، وَكَانَ لِلْعَمَلِ تَكْذِيبًا مِنْهُ لِإِيمَانِهِ، وَكَانَ الْعِلْمُ بِمَا ذَكَرْنَا تَصْدِيقًا مِنْهُ لِإِيمَانِهِ، فَاعْلَمْ ذَلِكَ هَذَا مَذْهَبُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، فَمَنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا فَهُوَ مُرْجِئٌ خَبِيثٌ، احْذَرْهُ عَلَى دِينِكَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دَيْنُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5 ] )) أ.هـ

قال الإمام ابن بطة العكبري الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية (ج1/ ص314 -315 -317 -321 -322 -323 -324 -325 -329 -330 -331 -333 -334 .. ط دار الكتب العلمية )

[ بَابُ بَيَانِ الْإِيمَانِ وَفَرْضِهِ وَأَنَّهُ تَصْدِيقٌ بِالْقَلْبِ وَإِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ وَعَمَلٌ بِالْجَوَارِحِ وَالْحَرَكَاتِ، لَا يَكُونُ الْعَبْدُ مُؤْمِنًا إِلَّا بِهَذِهِ الثَّلَاثِ ]


((فَكُلُّ مَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنَ الْفَرَائِضِ الَّتِي فَرَضَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ أَوْ أَكَّدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سُنَّتِهِ عَلَى سَبِيلِ الْجُحُودِ لَهَا وَالتَّكْذِيبِ بِهَا , فَهُوَ كَافِرٌ بَيِّنُ الْكُفْرِ لَا يَشُكُّ فِي ذَلِكَ عَاقِلٌ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ. وَمَنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ وَقَالَهُ بِلِسَانِهِ , ثُمَّ تَرَكَهُ تَهَاوُنًا وَمُجُونًا أَوْ مُعْتَقِدًا لَرَأْيِ الْمُرْجِئَةِ وَمُتَّبِعًا لِمَذَاهِبِهِمْ , فَهُوَ تَارِكُ الْإِيمَانِ لَيْسَ فِي قَلْبِهِ مِنْهُ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ وَهُوَ فِي جُمْلَةِ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ نَافَقُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَنَزَلَ الْقُرْآنُ بِوَصْفِهِمْ وَمَا أُعِدَّ لَهُمْ , وَإِنَّهُمْ فِي الدَّرَكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ، نَسْتَجِيرُ بِاللَّهِ مِنْ مَذَاهِبِ الْمُرْجِئَةِ الضَّالَّةِ )) أ.هـ

((َ اعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ جَلَّ لَمْ يُثْنِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ , وَلَمْ يَصِفْ مَا أَعَدَّ لَهُمْ مِنَ النَّعِيمِ الْمُقِيمِ , وَالنَّجَاةِ مِنَ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ , وَلَمْ يُخْبِرْهُمْ بِرِضَاهُ عَنْهُمْ إِلَّا بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ , وَالسَّعْيِ الرَّابِحِ , وَقَرَنَ الْقَوْلَ بِالْعَمَلِ , وَالنِّيَّةَ بِالْإِخْلَاصِ , حَتَّى صَارَ اسْمُ الْإِيمَانِ مُشْتَمِلًا عَلَى الْمَعَانِي الثَّلَاثَةِ لَا يَنْفَصِلُ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ , وَلَا يَنْفَعُ بَعْضُهَا دُونَ بَعْضٍ , حَتَّى صَارَ الْإِيمَانُ قَوْلًا بِاللِّسَانِ , وَعَمَلًا بِالْجَوَارِحِ , وَمَعْرِفَةً بِالْقَلْبِ خِلَافًا لِقَوْلِ الْمُرْجِئَةِ الضَّالَّةِ الَّذِينَ زَاغَتْ قُلُوبُهُمْ , وَتَلَاعَبَتِ الشَّيَاطِينُ بِعُقُولِهِمْ , وَذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي كِتَابِهِ , وَالرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سُنَّتِهِ )) أ.هـ

(( فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُقِرُّ بِالْفَرَائِضِ وَلَا يُؤَدِّيهَا وَيَعْلَمُهَا , وَبِتَحْرِيمِ الْفَوَاحِشِ وَالْمُنْكَرَاتِ وَلَا يَنْزَجِرُ عَنْهَا وَلَا يَتْرُكُهَا , وَأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ مُؤْمِنٌ , فَقَدْ كَذَّبَ بِالْكِتَابِ , وَبِمَا جَاءَ بِهِ رَسُولُهُ , وَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ قَالُوا: {آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ} [المائدة: 41 ]

فَأَكْذَبَهُمُ اللَّهُ وَرَدَّ عَلَيْهِمْ قَوْلَهُمْ , وَسَمَّاهُمْ مُنَافِقِينَ , مَأْوَاهُمُ الدَّرْكُ الْأَسْفَلُ مِنَ النَّارِ. عَلَى أَنَّ الْمُنَافِقِينَ أَحْسَنُ حَالًا مِنَ الْمُرْجِئَةِ , لِأَنَّ الْمُنَافِقِينَ جَحَدُوا الْعَمَلَ وَعَمَلُوهُ , وَالْمُرْجِئَةُ أَقَرُّوا بِالْعَمَلِ بِقَوْلِهِمْ وَجَحَدُوهُ بِتَرْكِ الْعَمَلِ بِهِ , فَمَنْ جَحَدَ شَيْئًا , وَأَقَرَّ بِهِ بِلِسَانِهِ وَعَمَلَهُ بِبَدَنِهِ أَحْسَنُ حَالًا مِمَّنْ أَقَرَّ بِلِسَانِهِ وَأَبَى أَنْ يَعْمَلَهُ بِبَدَنِهِ , فَالْمُرْجِئَةُ جَاحِدُونَ لِمَا هُمْ بِهِ مُقِرُّونَ , وَمُكَذِّبُونَ بِمَا هُمْ بِهِ مُصَدِّقُونَ، فَهُمْ أَسْوَأُ حَالًا مِنَ الْمُنَافِقِينَ. وَيْحَ لِمَنْ لَمْ يَكُنِ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ دَلِيلَهُ , فَمَا أَضَلَّ سَبِيلَهُ , وَأَكْسَفَ بَالَهُ , وَأَسْوَأَ حَالَهُ.)) أ.هـ

((فَتَأَمَّلُوا هَذَا الْخَطَّابَ , وَاعْقِلُوا عَنْ مَوْلَاكُمْ , وَاعْرِفُوا السَّبَبَ الَّذِي بِهِ أَعَدَّ اللَّهُ الْخَيْرَاتِ , وَالْجَنَّاتِ هَلْ تَجِدُونَهُ غَيْرَ الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ , وَلَقَدْ آمَنَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ , وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ , وَآتَوُا الزَّكَاةَ , وَصَدَّقُوا التَّنْزِيلَ , وَاتَّبَعُوا الرَّسُولَ فَاسْتَثْنَاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ , وَمَيَّزَهُمْ مِنْ أَهْلِ حَقَائِقِ الْإِيمَانِ , فَقَالَ:

((وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا)) [الأنفال: 72]. ثُمَّ ذَكَرَ قَوْمًا آمَنُوا بِمَكَّةَ أَمْكَنَتْهُمُ الْهِجْرَةُ وَقَدَرُوا عَلَيْهَا , فَتَخَلَّفُوا عَنْهَا , فَلَمْ يَدْعُهُمْ بِاسْمِ الْإِيمَانِ , لَكِنْ سَمَّاهُمْ ظَالِمِينَ , وَقَالَ فِيهِمْ قَوْلًا عَظِيمًا , فَقَالَ: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 97]. وَكُلُّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ مَا تَدَّعِيهِ الْمُرْجِئَةُ , وَتَذْهَبُ إِلَيْهِ مِنْ إِخْرَاجِهَا الْفَرَائِضَ وَالْأَعْمَالَ مِنَ الْإِيمَانِ , وَتَكْذِيبٌ لَهَا أَنَّ الْفَوَاحِشَ وَالْكَبَائِرَ لَا تَنْقُصُ الْإِيمَانَ , وَلَا تَضُرُّ بِهِ , وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ} [يونس: 4]. وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} [يونس: 9]. وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [يونس: 63 ] )) أ.هـ

((قَالَ الشَّيْخُ: فَقَدْ تَلَوْتُ عَلَيْكُمْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا يَدُلُّ الْعُقَلَاءَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ , وَأَنَّ مَنْ صَدَّقَ بِالْقَوْلِ وَتَرَكَ الْعَمَلَ كَانَ مُكَذِّبًا , وَخَارِجًا مِنَ الْإِيمَانِ , وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ قَوْلًا إِلَّا بِعَمَلٍ , وَلَا عَمَلًا إِلَّا بِقَوْلٍ .)) أ.هـ

((وَكَانَ مِمَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ مِمَّا أَعْلَمَنَا أَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ الْعَمَلُ , وَأَنَّ الْعَمَلَ مِنَ الْإِيمَانِ مَا قَالَهُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة: 177]. فَانْتَظَمَتْ هَذِهِ الْآيَةُ أَوْصَافَ الْإِيمَانِ وَشَرَائِطَهُ مِنَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ وَالْإِخْلَاصِ. وَلَقَدْ سَأَلَ أَبُو ذَرٍّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْإِيمَانِ , فَقَرَأَ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةَ )) أ.هـ


((1070 - حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ , وَأَبُو الْقَاسِمِ مُلَيْحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُلَيْحٍ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَمْرٍو , قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ , قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ , عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , عَنْ بَيَانٍ , عَنِ الشَّعْبِيِّ , قَالَ: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 138] قَالَ: «بَيَانٌ مِنَ الْعَمَى , وَهُدًى مِنَ الضَّلَالَةِ , وَمَوْعِظَةٌ مِنَ الْجَهْلِ» قَالَ الشَّيْخُ: فَأَيُّ عَبْدٍ أَتْعَسُ جَدًا , وَلَا أَعْظَمُ نَكِدًا , وَلَا أَطْوَلُ شَقَاءً وَعَنَاءً مِنْ عَبْدٍ حُرِمَ الْبَصِيرَةَ بِنُورِ الْقُرْآنِ , وَالْهِدَايَةَ بِدَلَالَتِهِ , وَالزَّجْرَ بِمَوْعِظَتِهِ , قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 195] , وَقَوْلُهُ الْحَقُّ وَالصِّدْقُ قَالَ: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة: 33]. فَالْهُدَى هُدَى الْإِيمَانِ وَهُوَ الْقَوْلُ , وَالدِّينُ هُوَ الْعَمَلُ , وَجَمِيعُ الْفَرَائِضِ وَالشَّرَائِعِ وَالْأَحْكَامِ , وَمُجَانَبَةُ الْحَرَامِ وَالْآثَامِ. فَالدِّينُ لَيْسَ هُوَ خَصْلَةً وَاحِدَةً , وَلَكِنَّهُ خِصَالٌ كَثِيرَةٌ مِنْ أَقْوَالٍ وَأَفْعَالٍ مِنْ فَرَائِضَ وَأَحْكَامٍ , وَشَرَائِعَ وَأَمْرٍ وَنَهْيٍ , فَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ} [التوبة: 33] يَجْمَعُ ذَلِكَ كُلَّهُ , حَتَّى صَارَ دِينًا قِيَمًا , فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ عَمِلَ بِجَمِيعِ مَا فِيهِ , وَمَنْ آمَنَ بِبَعْضِهِ وَكَفَرَ بِبَعْضِهِ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ. وَمَنْ قَالَ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ بِلَا عَمَلٍ فَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ دِينِ الْحَقِّ وَلَا مُؤْمِنٌ وَلَا مُهْتَدٍ , وَلَا عَامِلٌ بِدِينٍ الْحَقِّ , وَلَا قَابِلٌ لَهُ , لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَعْلَمَنَا أَنَّ كَمَالَ الدِّينِ بِإِكْمَالِ الْفَرَائِضِ , قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]. وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا عَلِمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الصِّدْقَ مِنْهُمْ فِي إِيمَانِهِمْ , وَالْعَمَلَ بِجَمِيعِ مَا افْتَرَضَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ إِقَامِ الصَّلَاةِ , وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ , وَحَجِّ الْبَيْتِ , وَمَا بَذَلُوهُ مِنْ مُهَجِ أَنْفُسِهِمْ , وَنَفَقَاتِ أَمْوَالِهِمْ , وَالْخُرُوجِ عَنْ دِيَارِهِمْ , وَهُجْرَانِ آبَائِهِمْ , وَقَطِيعَةِ أَهْلِيهِمْ , وَهُجْرَانِ شَهَوَاتِهِمْ وَلَذَّاتِهِمْ مِمَّا حَرَّمَهَا عَلَيْهِمْ , وَعَلِمَ حَقِيقَةَ ذَلِكَ مِنْ قُلُوبِهِمْ بِمَا زَيَّنَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي قُلُوبِهِمْ , وَحَبَّبَهُ إِلَيْهِمْ مِنْ طَاعَتِهِ وَالْعَمَلِ بِأَوَامِرِهِ وَالِانْتِهَاءِ عَنْ زَوَاجِرِهِ , سَمَّى هَذِهِ الْأَفْعَالَ كُلَّهَا إِيمَانًا , فَقَالَ: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً} [الحجرات: 8]. فَاسْتَحَقُّوا اسْمَ الرَّشَادِ بِإِكْمَالِ الدِّينِ. وَذَلِكَ أَنَّ الْقَوْمَ كَانُوا فِي فُسْحَةٍ وَسَعَةٍ , لَيْسَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ صَلَاةٌ , وَلَا زَكَاةٌ , وَلَا صِيَامٌ , وَلَا كَانَ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ كَثِيرًا مِمَّا هُوَ مُحَرَّمٌ , وَكَانَ اسْمُ الْإِيمَانِ وَاقِعًا عَلَيْهِمْ بِالتَّصْدِيقِ تَرَفُّقًا بِهِمْ لِقُرْبِ عَهْدِهِمْ بِالْجَاهِلِيَّةِ وَجَفَائِهَا , فَجَعَلَ الْإِقْرَارَ بِالْأَلْسُنِ وَالْمَعْرِفَةَ بِالْقُلُوبِ الْإِيمَانَ الْمُفْتَرَضَ يَوْمَئِذٍ، حَتَّى إِذَا حَلَّتْ مَذَاقَةُ الْإِيمَانِ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ , وَحَسُنَتْ زِينَتُهُ فِي أَعْيُنِهِمْ , وَتَمَكَّنَتْ مَحَبَّتُهُ مِنْ قُلُوبِهِمْ , وَأَشْرَقَتْ أَنْوَارُ لُبْسَتِهِ عَلَيْهِمْ , وَحَسُنَ اسْتِبْصَارُهُمْ فِيهِ , وَعَظُمَتْ فِيهِ رَغْبَتُهُمْ تَوَاتَرَتْ أَوَامِرُهُ فِيهِمْ , وَتَوَكَّدَتْ فَرَائِضُهُ عَلَيْهِمْ , وَاشْتَدَّتْ زَوَاجِرُهُ وَنَوَاهِيهِ. فَكُلَّمَا أَحْدَثَ لَهُمْ فَرِيضَةً عِبَادَةً وَزَاجِرَةً عَنْ مَعْصِيَةٍ ازْدَادُوا إِلَيْهِ مُسَارَعَةً وَلَهُ طَاعَةً , دَعَاهُمْ بِاسْمِ الْإِيمَانِ , وَزَادَهُمْ فِيهِ بَصِيرَةً , فَقَالَ: {فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} [الحج: 78]. وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6]. . الْآيَةَ. وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] , ثُمَّ قَالَ فِي فَرْضِ الْجِهَادِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} [البقرة: 216]. وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ} [التوبة: 38]. وَنَظَائِرُ لِهَذَا فِي الْقُرْآنِ كَثِيرَةٌ , وَقَالَ فِي النَّهْيِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا} [آل عمران: 130] , وَ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 95] , وَ {يَا أَيُ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://eltwhed.yoo7.com
 
جمع الجيوش و الدساكر على أهل الإرجاء المعاصر *1*
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  جمع الجيوش و الدساكر على أهل الإرجاء المعاصر *2*
»  فيديو : فتاوى العلماء الأكابر في ظاهرة الإرجاء المعاصر
»  الرد على افتراءات العنبري وبيان فساد أصل مذهبه في الإرجاء
» كتب الرد على الإرجاء
» خطورة فتنة الإرجاء

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى التوحيد :: شبهات وردود علمية :: المرجئة-
انتقل الى: