لقد صرخ أحدهم ( كما صرخ أرخميدس وبويل ) يوم أن اكتشف أن علماء الشريعة سبب التخلف والعجز عن اللحاق بركب الأمم المتطورة المتحضرة التي قطعت شوطاً كبيراً في الحضارة والتمدن ... فلقد أكرمنا ـ عفا الله عنه ـ بالإلهامات التي سهر لأجلها عدداً من الليالي فتمخضت عن الفتوحات التالية :
أولاً : تمسُّكُنا بالشريعة وتقيُّد نظام الحكم بها حرمنا المنافسة والتقدم وفرض علينا حصار الخصوصية وأغلق دوننا عوالم العولمة .
ثانياً : إن علماء الشريعة والدعاة إلى الله هم السبب الكامن وراء كل تطرف وغلو ، وحتى ننفي هذه التهمة عنا فلا بد أن نُظهر الوقاحة في النيل من علماء الشريعة وننتقصهم ، لأنهم العقبة الكؤود والسد المنيع الذي يحول دون تصنيع الأسلحة الثقيلة وآلة الحرب الالكترونية ، بل هم الذين يحذرون ناشئة الأمة عن التوجه إلى مجالات العلوم والتقنية المعاصرة ويعدونها مما لا يؤجرون عليه ولا يثابون .
ثالثاً : حتى ينهض المجتمع لا بد من إعادة النظر في خطط التنمية لتكون بمعزل عن تكريس الثوابت الدينية التي تضمنها نظام الحكم .
رابعاً : لن نستطيع الوقوف أمام بقية الدول العظمى شامخي الأنوف ومرفوعي الرؤوس إلا إذا فتحت دور السينما والمسارح في أنحاء المدن .
خامساً: ما دامت المرأة ترتدي الحجاب وتعتز به وتفاخر ، فلن تشرق آفاق المعرفة وأنوار العلوم على العقل الأنثوي المجلل بالسواد محجوباً بالنقاب .
سادساً : لا يمكن أن نجد الفرص الكافية لمجالات العمل اللائق بالشباب الباحثين عن العيش الكريم من خلال وظيفة مناسبة لهم تسد حاجتهم ومن يعولون إلا إذا زج بالمرأة في كل مجالات العمل المناسب وغير المناسب وزاحمت الشباب في ما يتاح لهم من المجالات لتحل المرأة مكانهم .
سابعاً : حتى يتحرر المجتمع من العقد العالقة فيه من خلال ركام السنين وجمود العقول ، فلا بد أن ينتهي عصر الاحتساب وأن تلغى شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع سرعة التخلص من حلقات تحفيظ القرآن الكريم وتدريس النساء للقرآن الكريم ، وأما مكاتب الدعوة فيجب أن تتوقف عن اغتيال عقائد الوافدين من خلال دعوتهم للإسلام .
ثامناً : لن نستطيع تحقيق ما نتمنى إلا من خلال ترويج الفساد والدعاية له والتنافس فيه وتحويله تجارة رائجة رابحة عبر قنوات الفجور والخلاعة ، أما الوسائل المضادة والتي تتبنى الإصلاح فلا بد من اتهامها بالحزبية والانتماء للجماعات المحظورة والتشكيك في ولائها .
تاسعاً : لا بد من الدوران في الفلك الأمريكي والغربي حذو القذة بالقذة ، فالنقد حق متاح في كل شيء ، ولو بلغ حرية العهر والفجر باسم حرية الفكر إلا انتقاد العم سام فلا تجوز الغيبة فيهم ولا القالة عنهم لأن لحوم الامبريالية مسمومة ... وكل أفعالهم بيقين مصالح البشرية معلومة ... ومن نالهم بالثلب وجب رميه بالإرهاب والعنف والتطرف .
عاشراً : لا بد من اللعب بالمصطلحات لتمرير المشروع الكبير بقوة باهرة مع إضعاف المناعة ، ولكي نسلم من التبعات المترتبة على حقائق المقاصد فلا بد من ارتداء أقنعة المصطلحات ، فالدولة المدنية طريقنا إلى الملكية الدستورية ، ومحاربة الأحادية والإقصاء طريقنا لتنحية الشريعة ، ومحاربة الاستقطاب أفضل بوابة لإفساد المجتمع ، وحجب المؤثرين عن الإعلام بوابة التطور والنقلة النوعية ، وسرقة الأموال ضرورة النهضة .
تلك عشرة كاملة ذلك لم يكن عقله مستأجراً أو موقوفاً لإحدى الجهات المعنية بتكريس الإفساد في الأرض باسم الإصلاح والنهضة .
فهل يعلمون أنهم مكشوفون ... بل هم في سكرتهم يعمهون ... وفي غيَّهم سادرون ... وعن الحق معرضون ، فبأي حديث بعده يؤمنون ؟!!