المنتقى من كتاب ضوابط التكفير لأبي العلا بن راشد وفقه الله لكل خير
الحمد لله وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم وبعد : فإن كتاب ضوابط في التكفير لصاحبه أبي العلا بن راشد قد أحسن فيه وأجاد ومشى فيه على منهج أهل السنة فجزاه الله خيرا وقد قدم له شيخنا العلامة صالح الفوزان حفظه الله مما يؤكد أن الكتاب على وفق منهج أهل السنة وهذه خلاصات انتقيتها من الكتاب تبين قيمة الكتاب العلمية مع بعض التعليقات اليسيرة وستكون في عدد من الدروس أسأل الله أن ينفع بها :
الدرس الأول
بدأ المؤلف أبو العلا بن راشد كتابه ضوابط في التكفير أولا بمقدمة ذكر فيها
- قضية تكفير المعين وكثرة الخائضين والمجادلين فيها .
-وبين أن الناس فيها بين إفراط وتفريط .
-وبين أن أهمية هذا الموضوع ترجع إلى أسباب منها :
-إطلاق الحكم على المعين له تبعات وآثار خطيرة إذا كان هذا الحكم بغير ضوابط تتفق مع أقوال ألعلم .
-وبين أيضا الإفراط والتفريط الحاصلين في هذه المسألة فطائفة اشترطت شروطا في تكفير المعين لم يشترطها أهل العلم ولايكفر هؤلاء إلا الجاحد للقطعيات فقط[1] .
--وطائفة قصرت المكفرات على الجحود والاستحلال وأهملت بقية المكفرات التي ذكرها العلماء في أبواب الردة فدخلت على هؤلاء شبهة الإرجاء من حيث لايشعرون
-وثالثة : قد وقعت في الغلو فسارعت إلى تكفير المعين دون اعتبار للضوابط التي ضبط بها أهل العلم مسألة التكفير المعين فكان في هؤلاء شبه من الخوارج في تسرعهم في التكفير بغير ضوابط .
-وبين أن أهل السنة وسط بين الطائفتين –يعني الغالية والمفرطة –فمتى استوفى المعين شرائط التكفير أوقعوه عليه ومتى وجد مانع يمنع من تكفيره لم يوقعوه عليه
-وحذر من تكفير المعين والتسرع فيه بغير موجب شرعي وذكر نقولا في ذلك عن أهل العلم .
-ثم تحدث عن منهج علماء الدعوة وأهمية الكلام عنهم بخاصة لضبطهم مسائل التكفير .
-وأخيرا بين خطر النواقض –مع انتشارها - على الناس وأهمية بيانها والتحذير منها .
-ثم قسم الكتاب إلى سبعة أبواب تكلم في الباب الأول منه على تراجم لشيخي الإسلام ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب رحمهم الله تعالى .
-وفي الباب الثاني تكلم فيه عن أربعة فصول تحدث في الفصل الأول عن شروط عند شيخ الإسلام ابن تيمية وعلماء الدعوة ثم مهد للفصل بتمهيد حول شروط التكفير وموانعه بصورة إجمالية .
-خلص في الباب إلى أن العلماء فرقوا بين التكفير المطلق والتكفير المعين ثم عرف التكفير المطلق بأنه : تنزيل الحكم بالكفر على الفعل والقول دون تنزيل الحكم على المعين ، وعرف التكفير المعين بانه : الحكم بالكفر على الشخص المعين الذي فعل الكفر أو قاله بعد التحقق من ثبوت الشروط وانتفاء الموانع .
-وقسم شروط التكفير إلى أقسام :
أ-شروط في الفاعل : أن يكون عاقلا بالغا متعمدا لفعل الكفر مختارا له .
ب-شروط في الفعل أو القول المكفر : أن يكون فعله أو قوله ثبت بالدلة الشرعية أنه كفر أكبر او شرك أكبر وأن يكون هذا الفعل المكفر مما ذكر أهل العلم أنه فعل أو قول مكفر مخرج من الملة .
-وكذلك يكون الفعل أو القول صريح الدلالة على الكفر[2] أي مشتملا على لفظ واضح مكفر بخلاف المحتملات من الألفاظ[3] .
-وكذلك من شروط تكفير المعين ثبوت الكفر أو الردة عليه ثبوتا شرعيا بطريق صحيح لأن المكلف لايؤاخذ بشيء من أقواله أو أفعاله في أحكام الدنيا إلا بطريق تثبتها الشريعة مثل الإقرار أو شهادة الشهود .
-وبين أن الردة وهي أن يأتي المكلف بقول مكفر أو فعل مكفر وتثبت بأحد أمرين بالإقرار أو بشهادة رجلين مسلمين عدلين وهذا مذهب جماهير العلماء ولم يخالف فيه إلا الحسن إذ اشترط أربعة شهود لإثبات الردة لأن عقوبتها القتل قياسا على الزنا .
-ولابد في أداء الشهادة بالردة من التفصيل ولايقبل الإجمال لاحتمال أن يكون ماوقع فيه ليس كفرا ولاردة .
-وبين أن موانع التكفير تنقسم إلى ثلاثة أقسام :
أ-موانع الفاعل : وهي مايعرض له بما يجعله غير مؤاخذ بأفعال وأقوال شرعا وهي ماتسمى بعوارض الأهلية[4] مثل : الجهل –والخطأ- والتأويل – والإكراه .
-والأهلية عند الأصوليين تنقسم إلى قسمين :
1-أهلية الأداء : وتعني صلاحية الفرد لأن تعتبر أقواله وأفعاله شرعا والعقل والبلوغ والاختيار من شروط صحة الأهلية .
2-أهلية الوجوب : وتعني صلاحية الفرد لأن تكون له حقوق وعليه واجبات .
وعوارض الأهلية[5] : متعلقة بأهلية الأداء ، وهي امور تعرض للمكلف فتجعل أقواله وأفعاله غير معتبرة شرعا .
[1] وذكر مثالا لمراد شكري وأنه أوصلها لعشرة شروط ،وقد ردت اللجنة عليه بما يبين انحرافه وضلاله .
[2] مثل المؤلف للأقوال المكفرة : بألفاظ الشرك الأكبر كقول بعضهم : ياسيدي فلان عافني وارزقني أوأنا في غوثك ومددك .ومثل للأفعال المكفرة : بإلقاء المصحف تعمدا في القاذورات مع علمه أنه كتاب الله لأنه لا يحتمل إلا الاستخفاف .
[3] وقد مثل لها المؤلف بأقوال أهل البدع غير الدالة صراحة على الكفر وإن كان لازمها الكفر ...وهي تسمى عن العلماء بالتكفير بالمحتملات أو التكفير بالمآلات : أي أن القول ليس كفرا في ذاته ولكنه يؤدي للكفر ، ومثل هذه الأقوال يحتاط ويتوقف في تكفير صاحبها إلا إذا التزم بلازمها صراحة . ومن أمثلة التكفير بالأفعال المحتملة : صلاة الرجل إلى القبلة وأمامه نار أو قبر فيحتمل أنه صلى لله أو للنار أو للقبر ، فلا بد من تبيين حاله وقصده والنظر في قرائن الأحوال هل هو معروف بالخير أو في دينه ريب كمجوسي من عبدة النار أظهر إسلامه تقية ... (مختصر من كلام المؤلف) .
[4] هذا الباب من أبواب أصول الفقه .
[5] قلت أبو عاصم : قال بعض الباحثين : عوارض الأهلية: هذه العوارض لا تجري في أهلية الوجوب؛ لأنها ثابتة للإنسان بمجرد وجوده حياً، ابتداء من كونه جنيناً في بطن أمه ولا تزول عنه إلا بالموت، فتبين بذلك أن هذه العوارض إنما تعرض لأهلية الأداء، بحيث تزيلها أو تنقصها.
وقد قسم الأصوليون عوارض الأهلية إلى قسمين: عوارض سماوية، وأخرى مكتسبة.
العوارض السماوية: والمقصود بها: الأوصاف التي تحصل للإنسان من غير اختيار منه وهي : الصغر والجنون ، والعته ، والنسيان ، والنوم ، والإغماء ، والحيض ، والنفاس ، ومرض الموت ، والموت .
والعوارض المكتسبة: والمقصود بها: التي تحصل بكسب الإنسان واختياره. وقد يكون حصولها من قبل الشخص نفسه، كالجهل، والسكر، والهزل، والسفه، والخطأ، والسفر ، أو من قبل شخص آخر، كالإكراه .