بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعل كتابه المبين كافلا ببيان الأحكام , شاملا لما شرعه لعباده من الحلال والحرام , مرجعا للأعلام عند تفاوت الأفهام وتباين الأقدام وتخالف الكلام ,قاطعا للخصام,شافيا للسقام.مرهما للأوهام , والصلاة والسلام على خير الأنام وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ..
أما بعد,
فقد شاع في الآونة الأخيرة القول بأن اليهود والنصارى ليسوا كفارا وأنهم على الملة الإبراهيمية فعلت الصيحات ودونت المقالات رافعة شعار وحدة الأديان وكان مما وقع بين يدي من تلك المقالات مقالا ملئ أغلاطا أخطأ الكاتب فيه فهم النصوص واستدل بها في غير موضعها وفيما يلي مقطعا من مقاله ولعل تعقيبي يكون ردا على كل من نادى بذلك واعتقد مثل ذلك الاعتقاد
حيث جاء في مقاله مانصه:
أما من لم يحارب الإسلام، سواءً من الكتابيين الموحدين أو من أتباع العقائد الأخرى، فلم يرمهم الإسلام بالكفر على الرغم من بقائهم على دينهم، بل اعتبرهم من ضمن الفرق الناجية. يؤكد ذلك قوله تعالى في حق المذاهب المسيحية التي رفضت عقيدة التثليث (ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون) وكذلك قوله تعالى في حق الكتابيين عموماً ممن بقوا على دينهم ولم يحاربوا الإسلام، كما بقية الطوائف الأخرى التي بقيت على الحياد من رسالة الإسلام (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون )..
كيف يظن مسلم سليم الاعتقاد بأن اليهود والنصارى ليسوا كفاراً؟!!
فقول كهذا ضلال، وذلك لأن اليهود والنصارى كفرهم الله عز وجل في كتابه، قال الله تعالى: (وقالت اليهود عزير ابن الله، وقالت النصارى المسيح ابن الله، ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل، قاتلهم الله أنى يؤفكون) (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله، والمسيح ابن مريم، وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون ) فدل ذلك على أنهم مشركون، وبين الله تعالى في آيات أخرى ما هو صريح بكفرهم:
(لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم)
(لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة)
(لعن الذين كفروا من بنى إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم)، (إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم) والآيات في هذا كثيرة، والأحاديث،
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : من أنكر كفر اليهود والنصارى الذين لم يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وكذبوه، فقد كذب الله عز وجل، وتكذيب الله كفر، ومن شك في كفرهم فلاشك في كفره هو فليتنبه من يكتب ويتكلم في مثل هذا الأمور عن جهل فالحق جلي واضح لا لبس فيه.
ويا سبحان الله! كيف لا نقول أن هؤلاء (كفار) وهم يقولون إن الله ثالث ثلاثة، وقد كفرهم خالقهم عز وجل، وكيف لا يكفر هؤلاء وهم يقولون إن المسيح ابن الله، ويقولون: يد الله مغلولة، ويقولون إن الله فقير ونحن أغنياء!!!!
كيف لا يكفر هؤلاء وأن تطلق كلمة الكفر عليهم وهم يصفون ربهم بهذه الأوصاف السيئة التي كلها عيب وشتم وسب؟!!!!!!!!!!
وكيف لا يكفر النصارى وهم قد كفروا بأنبيائهم أولا وبمحمد صلى الله عليه وسلم حين جاء برسالة التوحيد ودين الإسلام!!
أما ما استدل الكاتب به من قوله تعالى : (ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون) وكذلك قوله تعالى (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا يحزنون ..
أما قوله سبحانه : ( ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون) هذه نزلت في النجاشي رضي الله عنه وهو قد أسلم واتبع دين محمد صلى الله عليه وسلم وحين تكمل الآية يتضح لك الحق ويتضح لك معنى الآية فالآيات حجة عليه وهي ( وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين )فهل اليهود والنصارى يقولون عن ديننا إنه الحق؟ ويؤمنون به؟
أبدا وهذا هو المشاهد بل يعلنون الحرب على الدين ومصداق ذلك قوله تعالى : ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم)
أما الآية الأخرى وهي قوله تعالى : (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا يحزنون)
فهذه فيمن آمن في عصر النبي الذي بعث إليهم كالنصارى الذين آمنوا في زمن نبوة عيسى عليه السلام وعلى ذلك فقس أما من بقوا على دينهم بعد مبعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم فهؤلاء ديانتهم باطلة بنص الكتاب و بشهادة النبي محمد صلى الله عليه وسلم
والله سبحانه قال : ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)فالإسلام ناسخ لجميع الديانات
ألم يبلغ أولئك حديث رسول الله بأبي هو وأمي صلوات ربي وسلامه عليه \"والذي نفسي بيده، لا يسمع بي يهودي ولا نصراني من هذه الأمة- أي أمة الدعوة- ثم لا يتبع ما جئت به، أو قال لا يؤمن بما جئت به إلا كان من أصحاب النار)
ثم ألا يتأملون في فاتحة الكتاب والتي قال الله فيها :
(اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين )
فالمغضوب عليهم هم اليهود والضالين هم النصارى .. ألا يتدبرون! فقد كان اليهود يوصفون بأنهم مغضوب عليهم لأنهم علموا الحق وخالفوه، وكان النصارى يوصفون بأنهم ضالون لأنهم أرادوا الحق فضلوا عنه.
ويتدبر!
فمثل هذا الاعتقاد جد خطير ويعرض صاحبه للمهالك..
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: إن كل من زعم أن في الأرض دينا يقبله الله سوى دين الإسلام فإنه كافر لاشك في كفره لأن الله عز وجل يقول في كتابه (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) ويقول عز وجل: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)
فعلى من اعتقد شيء من ذلك أن يتوب إلى الله ويستغفره وأن يبين للناس جميعا أن هؤلاء اليهود والنصارى كفار، لأن الحجة قد قامت عليهم وبلغتهم الرسالة ولكنهم كفروا عنادا.
نسأل الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
بقلم/ سفوح المجد
الرئيسية 
