العلمانيون قنطرة الغرب إلى بلادنا
د. عبد الخبير عطا
حاورته/ د. ليلى بيومي
مفكرة الإسلام: الدكتور عبد الخبير عطا، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الإسلامية بماليزيا، أحد الباحثين الإسلاميين في مجال العلوم السياسية، يتبنى قضية هامة وهي محاولة إخراج المناهج السياسية من ظلمات الكهنوت الكنسي والمناهج الغربية لإعادة بنائها على أساس إسلامي خالص، وللوصول إلى هذه الغاية يتبنى د. عبد الخبير عطا مجموعة من المناهج يحاول تأصيلها في أبحاثه ودراساته، ويركز على فقه الواقع وفقه السنن وفقه التاريخ وفقه المستقبل..في إطار مؤسس على فقه شرعي يعصم هذه المناهج من النظريات السياسية الغربية المؤسسة على الرؤية الكنسية ثم الرؤية العلمانية.وهو يرى أن مجال العلوم السياسية قد غاب عنه المسلمون، وغابت عنه الصحوة الإسلامية، وينادى بأن يخترق الشباب المسلم هذا المجال ليغسل ما فيه من فساد ويهضمه، ثم يتخطاه برؤية إسلامية ليكون لدينا في النهاية أصول واضحة لعلم سياسة إسلامي. وعن هذه القضايا وغيرها كانت لنا معه هذه الوقفات وهذا الحوار أثناء زيارته للقاهرة.
** هناك انتقادات توجه للنظام السياسي في الإسلام من قبل خصومه من العلمانيين تقول: إنه لا يوجد في الإسلام تصور واضح عن ذلك، ولم يلتزم الحكام عبر التاريخ الإسلامي بنظم سياسية قاطعة.. كيف تردون على هذه الاتهامات؟
* الله - سبحانه وتعالى - بعد أن خلق الإنسان رزقه منهجاً ربانياً، وأمره أن يتبعه لكي يحيا حياة طيبة في الدنيا والآخرة، ومن يلتزم بهذا المنهج فهو من الفائزين، ومن لم يلتزم به فهو من الخاسرين. وإقامة الدولة الإسلامية فرض على المسلمين لأن لها وظائف يجب أن تقوم بها.. أهمها وظيفة تبليغ الدعوة للناس فيصبح لدينا ثلاث كلمات هي [دعوة أمر بالمعروف ونهي عن المنكر جهاد] وهذه الأركان الثلاثة تعتبر فروضاً على الدولة الإسلامية.
والآمر بالمعروف والنهي عن المنكر يعني إقامة نظام أو منهج حياة تطبق فيه الأوامر الإلهية، ومن هذه الأوامر ما يتصف بالثبات كالقيم والمبادئ مثل مبدأ الشورى، ومبدأ السيادة للشرع، ومبدأ السلطان للأمة، ومنها ما يتصف بالتغير، وهى الوسائل التي تتبع لتطبيق المنهج كي يناسب الزمان والمكان، وهكذا فنحن وصلنا إلى النقطة الرئيسة في السؤال ويكون النقاش حول الوسائل والأساليب التي تتبع لتحقيق هذه المبادئ والقيم.
والإسلام أرسى المبادئ العامة التي لو اتبعها المسلمون وحافظوا عليها لحققوا العدل فيما بينهم وذلك باتباع مبدأ الشورى، ثم مبدأ السيادة للشرع، ثم مبدأ السلطان للأمة.
ووسائل تقويم السلطان موجودة، ثم إن الإسلام فرض على الأمة فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي لو تم تنفيذها لنجت الأمة من الانحلال والانحطاط. أما فريضتا الدعوة والجهاد فهما لنصرة الإسلام ونشره خارج الحدود.
وكون المبادئ الإسلامية السياسية لم تناقش التفاصيل فهذا من أسباب قوتها وليس من أسباب ضعفها فهي قد تركت لكل عصر ترتيب أموره بما لا يتناقض مع أصول الشريعة.
** الحركة الإسلامية الآن، في محاولة منها لتحسين صورتها أمام الغرب في الخارج وأمام الحكومات في الداخل تقترب من المفهوم الغربي للديمقراطية.. هل ترى أنها على حق في ذلك؟
* الكلام يتصل بمحاولة البعض مخاطبة الغرب من خلال المفاهيم التي يدركونها خصوصاً مفهوم الديمقراطية التي تعني في جوهرها حق الأمة في اختيار من يحكمها وتعني أيضا أن الشعب هو مصدر التشريع.
فهناك جانب مشترك بين الشورى كمنهج إسلامي، والديمقراطية كمنهج غربي، ولكن الاختلاف هو أن المسلمين رزقوا بمنهج وهم مأمورون بتطبيقه وليس لهم أي عذر في عدم تطبيقه.. بينما في المجتمعات الغربية فإنهم يسعون إلى صياغة منهج من عقولهم.
وبعض رموز الحركات الإسلامية حاول أن يتفاهم مع الغرب ويوضح أن الحركات الإسلامية أفضل من كثير من التيارات والاتجاهات الأخرى إذا وصلت الحكم بالنسبة لعلاقاتها مع الغرب؛ لأن الأساس في تعايش المسلمين مع غيرهم هو السلم وليس الصراع والحرب.
ونعود للقضية مرة أخرى ونقول: إن هناك جانباً مشتركاً بين الشورى والديمقراطية.. ولكن هناك خلافاً جوهرياً في مرجعية كل منهما، والعبرة عندنا في الأهداف والمعاني وليست في الألفاظ والمباني، والأمر الأهم من ذلك هو ثقة المسلمين في دينهم وفي أنفسهم حينما يخاطبون الغرب وفي عدم هزيمتهم أمامه روحياً ونفسياً وحضارياً.
** الحركة الإسلامية في مجال طرح الأفكار وسحب البساط من تحت أقدام العلمانيين والشيوعيين تقدم تنازلات، مثل الاعتراف بالعلمانية كتيار، رغم أن هذا التيار لا يعترف بالحركة الإسلامية ومرجعيتها. هل يمكن أن يؤدي هذا المنهج إلى خسارة التيار الإسلامي؟