منتدى التوحيد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى التوحيد

 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  دخول  التسجيلالتسجيل  
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» لتعليم بالعمل
مفهوم السلام في الإسلام Emptyالإثنين 18 أكتوبر - 20:04 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» شرح نخبة الفكر الشيخ يعد بن عبد الله لحميد
مفهوم السلام في الإسلام Emptyالسبت 15 مايو - 13:40 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» الجهود المبذولة في قتل الإسلام سعد بن عبدالله الحميد
مفهوم السلام في الإسلام Emptyالسبت 15 مايو - 0:47 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» أثَرُ الأكثَرِيَّةِ في تقويةِ قَولٍ ما (تاركُ الصَّلاةِ كَسَلًا أُنموذَجًا)
مفهوم السلام في الإسلام Emptyالخميس 13 مايو - 0:39 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» أحكام زكاة الفطر
مفهوم السلام في الإسلام Emptyالأربعاء 12 مايو - 3:52 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» الأقوالُ الرَّاجِحة المُتعقِّلة في أنَّ ليلةَ القَدْرِ مُتنقِّلة
مفهوم السلام في الإسلام Emptyالثلاثاء 11 مايو - 23:12 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» إخراجُ زكاةِ الفِطرِ نُقودًا مجانِبٌ للصَّوابِ
مفهوم السلام في الإسلام Emptyالإثنين 3 مايو - 13:50 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

»  فائدة منتقاة من كتاب «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» للإمام أبي بكر عبد الله ابن أبي الدنيا -رحمه الله-.
مفهوم السلام في الإسلام Emptyالإثنين 3 مايو - 1:55 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» العلم
مفهوم السلام في الإسلام Emptyالأحد 2 مايو - 3:48 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» مطوية (اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ‏)
مفهوم السلام في الإسلام Emptyالإثنين 6 أبريل - 13:41 من طرف عزمي ابراهيم عزيز

المواضيع الأكثر نشاطاً
بطاقات وعظية
مطوية (قُلْ صَدَقَ اللَّهُ)
مطوية ( رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي )
حكم الاشتراك في ثمن الشاة الأضحية بين الأخوة الأشقاء
مطوية (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ)
مطوية_فضائل العشر من ذي الحجة وتنبيهات حول أحكام الأضحية والذكاة
مطوية (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ)
موقع الجماعة المؤمنة أنصار الله
مطوية ( وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ)
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)






 

 مفهوم السلام في الإسلام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أبو عبد الله عبد الكريم
أبو عبد الله
أبو عبد الله



عدد المساهمات : 1917
نقاط : 6032
تاريخ التسجيل : 14/03/2011
العمر : 45
الموقع : منتدى أنصار الحق

مفهوم السلام في الإسلام Empty
مُساهمةموضوع: مفهوم السلام في الإسلام   مفهوم السلام في الإسلام Emptyالخميس 10 يناير - 20:37



ملخص الخطبة

1- الحكمة من الخلق العبودية لله تعالى. 2- قتل الإنسان ما أكفره! 3- همجية الحضارة الغربية المعاصرة. 4- حقيقة السلام. 5- لا سلام إلا في ظل الإسلام.

الخطبة الأولى

أما بعد: فإن الوصيةَ المبذولَةَ لي ولكم -عباد الله- هي تقوى الله سبحانه التي أوصَى بها الأولينَ والآخرين: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ [النساء: 131]، فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [العنكبوت: 17].

أيها المسلمون، إن الله سبحانه وتعالى خلقَ هذا الكونَ -عُلوِيَّه وسُفلِيَّه، بإنسِهِ وجنِّه، وملائكتِهِ وجمادِه ودوابِّه وطيرِه- ليعبُدوه وحده سبحانه لا شريكَ له، وليكون الكونُ كلُّه خاضعًا لعظمته، مُوقِنًا بعبوديته لخالقه، كما قال سبحانه: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات: 56]، وكما قال جل وعلا: وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ [ص: 27]، وكما قال سبحانه: وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ [الدخان: 38، 39].

إذًا لم يخلُق الباري جل شأنُه هذا الكونَ بأكملِه عبثًا، وما سخَّره جلَّ وعلا لعباده عبَثًا، وما جعل لهم الأرضَ ذَلولًا يمشُونَ في مناكبِها ويأكلون من رزقِه سُدًى، كلا؛ إذ كيف يكون ذلك والخالقُ جل شأنُه يقول: وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ [الأنبياء: 16-20].

ومن هنا جاء إنكارُ الباري سبحانه وتوبيخُه لمن لم يُدرِك معنى خلقِ الله للسماوات والأرض، ولم يجعل هذا الخلقَ وسيلةً لتحقيقِ عبوديته سبحانه دون سِواه، فقال عن أمثال هؤلاء: قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ [فصلت: 9] إلى أن قال: ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ [فصلت: 11].

فيا لله العجَب! كيف يستكبِرُ من في الأرضِ عن عبوديته سبحانه والسماءُ التي تُظِلُّهم والأرضُ التي تُقِلُّهم طائعتان للباري جل شأنُه؟! هذا ما قاله سبحانه وتعالى عن سماواته وأرضِهِ.

وأما الطيرُ في السماء فقد قال الله عنه: وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ [النور: 41]، وما عدا ذلك من دوابّ وجمادٍ وشجرٍ وحجرٍ فقد قال الله عنه: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ [الإسراء: 44] أي: أنتم -أيها الإنسُ والجِنُّ- لا تفقَهون عبوديَّتَهم لله وتسبيحَهم له.

فأين عقلُك أيها الإنسان؟! وأين قلبُك أيها الإنسان؟! وأين تفضيلُه لك على كثيرٍ ممن خلقَ تفضيلًا؟!

ألا قُتِل الإنسانُ ما أكفَرَه؛ نعم، قُتِلَ الإنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ، يخلُقُه ربُّه ثم هو يخضَعُ لغيره! ويرزُقُه ربُّه فيشكُرُ غيرَه! فضَّلَه ربُّه بالعقل والحِكمة والآدميَّة فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا [الإسراء: 89]، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ [البقرة: 243]، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [الأعراف: 187]، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ [هود: 17].

ومن العجبِ الذي لا ينقَضي والدهشةِ التي لا تتوقَّف أن يكون من يملِكُ الوسيلةَ الكاملةَ للعبودية أقلَّ في خُضوعه لله من سائر مخلوقاتِهِ دوابًّا وجمادات، أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ [الحج: 18].

فتأمَّلوا -يا رعاكم الله- أن الله سبحانه لم يستثنِ مما ذكرَ إلا البشرَ: فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ [البقرة: 253]، وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ [يوسف: 103].

عباد الله، إننا نعيشُ في زمنٍ بلغَ شأوًا رفيعًا في الحياة المادية، والنظريات الفلسفية، والثورةِ التِّقَنِيَّة، والترسانةِ العسكرية، المُتشبِّعة بروحِ الأنانية والعُدوانية، وإرادة العُلُوِّ في الأرض، وإهلاكِ الحرثِ والنَّسْل، وَاللهُ لَا يُحِبُّ الفَسَادَ، لكنَّ هذه الحضارة لم تستطِع إشباعَ الروحِ بالرحمةِ والطمأنينة والحكمةِ والعدلِ والإيثار، ولا أدلَّ على تلكم النَّزعة من إفرازِ هذه الحضارة السِّباقَ المحمُوم نحو التسلُّح على حسابِ الاحتياجات البشرية للأخلاق والطعام والشراب والمعيشة بأضعافٍ مُضاعَفة.

حتى جَثَا على سياسة العالَم الثالُوثُ الخانِق وهو: الخِواءُ الرُّوحيُّ، والتزييفُ التاريخيُّ للحقائق، والقهرُ العسكريُّ، ومن ثمَّ خُلِقَت أسلحةُ الدمارِ الشاملِ، فدُعَّت إلى شعوبِ العالَم دعًّا، والتي صوَّرَت السلامَ حُمقًا، والرحمةَ عجزًا، والعدلَ استِكانَة، وجعلَت مفهومَ الغباء فيمن يُحاوِلُ أن ينالَ حقَّه باسم العدالة أو الرحمة، وجعلَت مفهومَ الغِبطَة في الضعيفِ المهزولِ الجاثِي على رُكبَتَيْه الذي يسبِقُ مدمَعُه مِدفعَه؛ بحيثُ أصبحَ لا يُوجَد مفهومُ العدل إلا حيث يُوجَد الجَور، ولا يُوجَد مفهومُ السلام إلا حيثُ تُوجَد الحرب، حتى تشرَّبَ العالَم اليومَ ألوانًا من الاعتِداءات السياسية والاقتصادية والعسكرية؛ بحيث إن الأمانَ لدى كثيرٍ من المُجتمعات أصبحَ كسرابٍ بقِيعةٍ يحسبُه الظَّمْآنُ ماءً.

والسرُّ الكامِنُ في ذلكم كلِّه هو تهميشُ السلام. نعم، السلامُ الذي هو الطُّمأنينةُ والسكينةُ والاستقرارُ، السلامُ الذي يُقرِّرُ العبوديةَ للحَكَم العدل، ويُؤمِنُ به ربًّا خالقًا رازِقًا لا معبودَ سِواه، السلامُ الذي شرَعَه الله الملكُ القدُّوسُ السلام، السلامُ الذي لا يأتيه الباطلُ من بين يدَيْهِ ولا من خلفِه تنزيلٌ من حكيمٍ حميدٍ، السلامُ من ربِّ السلام، السلامُ من ربِّ البشر إلى البشر، وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا [النساء: 125].

إنه مهما عمِلَ البشرُ من جهود، ومهما بذَلوا من علومٍ ومعارِف، ومهما استعمَلوا فيها من وسائل، فلن يبلُغوا مِثقالَ ذرَّةٍ من علمِ الله؛ لأن الله يقول: وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا [طه: 110]، ويقول سبحانه: وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ [البقرة: 255]، فمالِ البشرية إذًا لا ترجُو لله وقارًا وقد خلقَهم أطوارًا؟! لن يُصلِحُ الناسَ مثلُ السلام الذي جاء من عند الله.

ألا إنه لا يُعرفُ في التاريخ مبدأٌ أو دينٌ أو فِكرٌ أرأَف ولا أرحَم ولا أعدَلُ من دين الإسلام، ولا أدلَّ على ذلكم من اتفاقِ أهلِ الإسلام أنه لا يجوزُ في حال الحربِ مع العدوِّ أن يُقتلَ شيخٌ كبيرٌ، ولا طفلٌ صغير، ولا امرأةٌ، ولا أن تُقطَعَ شجرةٌ؛ فأيُّ سلامٍ أعظمُ من هذا السلام؟!

ولكنَّ الأسف كلّ الأسف أن يُدرِكَ بعضُ المسلمين هذا كلَّه ثم هم يُهروِلون نحوَ شِعاراتٍ برَّاقة وفلسفاتٍ ما أنزلَ اللهُ بها من سُلطان، يُفسِّرون بها السلامَ على غير وجهِهِ.

وإن مما لا شكَّ فيه أنه كلما قلَّت الصحوةُ السليمة والنَّظرةُ الثاقبة لدى المسلمين تُجاه المعنى الحقيقيّ للسلام كلما ازدادوا ولَهًا إلى سرابِ السلام الزائِف، فالتَفتوا إلى لونه وتجاهَلوا طعمَه، نظَروا إلى دمعةِ المُخادِع ولم ينظرُوا إلى مِدفعِه، علِموا أن الحيَّة لا تبتسِمُ وهي تلدَغ وخفِيَ عليهم من يلدغُ وهو يبتسِم.

ولقد أحسنَ أبو حاتم البُستيُّ رحمه الله حينما ضربَ مثلًا عن أحد شيوخه: أن صيَّادًا كان يصطادُ العصافيرَ في يومِ ريحٍ، قال: جعلَت الرياحُ تُدخِلُ في عينَيْه الغُبار فتذرِفان، فكلما صادَ عصفورًا كسرَ جناحَه وألقاه في ناموسَة، فقال رجلٌ لصاحبِه: ما أرقَّه عليهم! ألا ترى دموعَ عينيْه؟! قال الآخر: لا تنظُر إلى دموعِ عينيْه ولكن انظُر إلى عملِ يديْه.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [البقرة: 208، 209].

إنه لا بُدَّ لكلِّ فردٍ أن يتحرَّر من الأنانية واللامسؤولية، وأن يقطَعَ قيودَ وأغلالَ السلبيَّة واللامُبالاة؛ ليكون لبِنَةً صالحةً في بناء بُرج السلام الشامِخ الذي ما خابَ من بَناه ولا ندِمَ من اتخَذَه دارًا؛ لأن معرفةَ الله الحقَّة والإيمانَ بما جاء من عنده سبحانه هي السبيلُ الوحيد للفرزِ بين السلام الحقِّ والسلامِ الزائفِ؛ لأن السلامَ في الإسلام هو العدلُ والصدقُ والأمانةُ والرحمةُ، وأما السلامُ بالمفهومِ الزائف فإنه مبنيٌّ على المصلحةِ الذاتية والقوةِ الكابِحة ومبدأ الهيمَنَة للأقوى، أو على المبدأ الجاهليِّ الذي يجعلُ الظلمَ من شِيَم النفوس، ومن يكنْ ذا عِفَّةٍ فلِعلَّةٍ لا يظلِم.

ولقد صدقَ الله جل وعلا في عُلاه: إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا [الكهف: 20].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، قد قلتُ ما قلتُ، إن صوابًا فمن الله، وإن خطأً فمن نفسي والشيطان، وأستغفر الله إنه كان غفَّارًا.



الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانِه، والشكرُ له على توفيقهِ وامتِنانه، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له تعظيمًا لشأنه، وأشهدُ أن محمدًا عبدُ الله ورسولُه الداعِي إلى رِضوانِه، صلواتُ الله وسلامُه عليه وعلى آله وأزواجِه وأصحابِه وإخوانِه.

أما بعد: فيا أيها الناس، إننا حينما نتحدَّثُ عن السلام الذي هو الإسلام، ونرى أنه هو المُنقِذُ للبشرية من ظُلمات التِّيه والانحِراف العقَدي والأخلاقيِّ والفِكريِّ والعسكري، إننا حينما نتحدَّثُ عن ذلكم فإننا لا نعنِي أن السلامَ يقتضي الدُّونيَّة أو الخُنوع أو الاستِكانة. كلا؛ فإن أمةً لم تركَع إلا لخالقِها لا يُمكِنُ أن تخضَعَ لغيره البَتَّة، وإن أمةً لا تعرفُ إلا الله فلن يغلِبَها من لا يعرفُ الله، غيرَ أن الإسلامَ هو السلامُ الحقيقيُّ بكلِّ ما تعنيه الكلمةُ من معنًى، فالله جل وعلا هو السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ [الحشر: 23].

وقد وردَ ذكرُ السلامِ في القرآن مُتصرِّفًا أربعًا وأربعين مرَّةً، في حين إن لفظَ الحرب لم يرِد في الكتاب الحكيم إلا ستَّ مراتٍ، والمسلمون يقولون كلَّ يومٍ وليلة لفظَ السلام عشر مراتٍ؛ وذلك اقتداءً بالنبي إذا انصرَف من صلاته؛ حيث كان يقول: «أستغفرُ الله، أستغفرُ الله، أستغفرُ الله، اللهم أنت السلامُ، ومنك السلامُ، تبارَكتَ ذا الجلالِ والإكرامِ» رواه مسلم.

فالسلامُ دينُ الله في الأرض، وتحيَّةُ المسلمين فيها السلام؛ فقد قال صلوات الله وسلامه عليه: «أفشُوا السلامَ بينكم» رواه مسلم.

وفي ميدان الحربِ والقتالِ إذا بذلَ العدوُّ كلمةَ السلام وجبَ الكفُّ عنه واعتبارُه مُسلمًا مُتمتِّعًا بالسلام؛ عملًا بقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا [النساء: 94].

وإذا كان هذا كلُّه في الحياةِ الدنيا فإن الجنةَ في الدار الآخرة هي السلام: وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [يونس: 25]، وتحيَّة المؤمنين يوم يلقَون ربَّهم: سلامٌ: تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا [الأحزاب: 44]، والملائكةُ حينما يدخلون على أهل الجنة يُلقون عليهم السلام: وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ [الرعد: 23، 24].

أما حياةُ المؤمنين في الجنة فقد وصفَها الله بقوله: لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا [الواقعة: 25، 26].

بارك الله ولكم في القرآن والسنة.

واعلموا -رحمكم الله- أن الله أمركم بأمرٍ بدأ فيه بنفسه...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://eltwhed.yoo7.com
 
مفهوم السلام في الإسلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى التوحيد :: منبر العلماء و الدعاة :: منبر الخطيب-
انتقل الى: