منتدى التوحيد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى التوحيد

 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  دخول  التسجيلالتسجيل  
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» لتعليم بالعمل
حتى لا نختطف جميعاً Emptyالإثنين 18 أكتوبر - 20:04 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» شرح نخبة الفكر الشيخ يعد بن عبد الله لحميد
حتى لا نختطف جميعاً Emptyالسبت 15 مايو - 13:40 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» الجهود المبذولة في قتل الإسلام سعد بن عبدالله الحميد
حتى لا نختطف جميعاً Emptyالسبت 15 مايو - 0:47 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» أثَرُ الأكثَرِيَّةِ في تقويةِ قَولٍ ما (تاركُ الصَّلاةِ كَسَلًا أُنموذَجًا)
حتى لا نختطف جميعاً Emptyالخميس 13 مايو - 0:39 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» أحكام زكاة الفطر
حتى لا نختطف جميعاً Emptyالأربعاء 12 مايو - 3:52 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» الأقوالُ الرَّاجِحة المُتعقِّلة في أنَّ ليلةَ القَدْرِ مُتنقِّلة
حتى لا نختطف جميعاً Emptyالثلاثاء 11 مايو - 23:12 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» إخراجُ زكاةِ الفِطرِ نُقودًا مجانِبٌ للصَّوابِ
حتى لا نختطف جميعاً Emptyالإثنين 3 مايو - 13:50 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

»  فائدة منتقاة من كتاب «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» للإمام أبي بكر عبد الله ابن أبي الدنيا -رحمه الله-.
حتى لا نختطف جميعاً Emptyالإثنين 3 مايو - 1:55 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» العلم
حتى لا نختطف جميعاً Emptyالأحد 2 مايو - 3:48 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» مطوية (اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ‏)
حتى لا نختطف جميعاً Emptyالإثنين 6 أبريل - 13:41 من طرف عزمي ابراهيم عزيز

المواضيع الأكثر نشاطاً
بطاقات وعظية
مطوية (قُلْ صَدَقَ اللَّهُ)
مطوية ( رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي )
حكم الاشتراك في ثمن الشاة الأضحية بين الأخوة الأشقاء
مطوية (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ)
مطوية_فضائل العشر من ذي الحجة وتنبيهات حول أحكام الأضحية والذكاة
مطوية (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ)
موقع الجماعة المؤمنة أنصار الله
مطوية ( وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ)
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)






 

 حتى لا نختطف جميعاً

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أبو عبد الله عبد الكريم
أبو عبد الله
أبو عبد الله



عدد المساهمات : 1917
نقاط : 6032
تاريخ التسجيل : 14/03/2011
العمر : 45
الموقع : منتدى أنصار الحق

حتى لا نختطف جميعاً Empty
مُساهمةموضوع: حتى لا نختطف جميعاً   حتى لا نختطف جميعاً Emptyالأربعاء 17 أكتوبر - 23:45

بسم الله الرحمن الرحيم

حتى لا نختطف جميعاً


الشيخ د / سعد بن عبد الله البريك


قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه : \" إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات ، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوى بها في جهنم \" وفي لفظ: \" يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب \" .
وقال تعالى في محكم التنزيل{ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد}.
الكلام في الإسلام ليس بالونات وهميةً تطفو على سطح اللسان لتنفجر في الهواء دون أثر ، بل إنها مسؤولية يترتب عليها ما بعدها{ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا}.
والكلام في الإسلام ليس سواء ؛ فربَّ كلمة أفرحت وأخرى أحزنت ، وربَّ كلمة فرقت وأخرى جمعت ، وربَّ كلمة بنت وغيرُها هدمت، وربَّ كلمة أضحكت وأخرى أبكت ، وربَّ كلمة انشرح لها الصدرُ وأَنِسَ بها الفؤادُ ومَنَحَتْ الإحساسَ بِسَعَة الدنيا ، وأخرى انقبضت لها النفسُ واستوحشها القلبُ وألقتْ قائلَها أو سامعَها في ضيق وضنك ، فضاقت به الدنيا على رحبها والأرضُ على سَعَتِها. ورب كلمة واست جروحاً ، وأخرى نكأت وأحدثت حروقاً. وربَّ كلمة نابية أدَّت إلى خصومة ، وربَّ كلمة جافية فرَّقت شملَ أسرةٍ ، وربَّ كلمة طاغية أخرجت الإنسانَ من دينه، والعياذ بالله ، وربَّ كلمة حانية أنقذت حياةَ إنسان ، وربَّ كلمة طيبة جمعت شملا ً، ورب كلمة صادقة أدخلت إلى الجنة ، وكثيراً ما يُفسدُ الودَّ بين الناس كلمةٌ جافيةٌ مؤذيةٌ ليست في محلها، تنفذ كما ينفذ السهم المسموم، فتفرق ما كان مجتمِعاً وتفسد ما كان صالحاً.
بالكلمة قد يخرب المجتمعُ بعد بناءٍ وعمران ، وتُسفكُ الدماءُ بعد حقنها وتستباحُ الأعراضُ بعد حفظها ويُفقدُ الأمنُ بعد استتبابه ويَفسُدُ حالُ الأُسُر بعد صلاح واستقامة ، ويتخاصم الإخوةُ ويتعادى الأحبَّةُ، وقد تُدَمِّرُ بلادًا بأكملها بسبب كلمة تصدرُ من فاسقٍ منحرف ... وهكذا ، فالكلمةُ السيئةُ سلاحٌ إبليسيٌّ ينطق بها فمٌ خبيثٌ ، وصلى الله وسلم على نبي الهدى القائل:\"من صمت نجا \". فالصمتُ المحقِّقُ للنجاة هو الصمتُ عمّا هو معصيةٌ وفتنةٌ أو مُؤَدٍّ إلى معصية أو فتنة .
فليست الكلمةُ في الإسلام حركاتٍ يؤديها المرءُ دون شعورٍ بتبعتها ، بل إن الإنضباطَ في الكلمة والتحريَّ في اللفظ والحذرَ من إرخاء عنانِ اللسان سمةٌ من سمات المؤمنين الصادقين ، قال الله تعالى { قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون }.
وقال تعالى { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما}.وقال عز وجل {وقل لعبادي يقولوا التي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم }.
وحذَّر صلى الله عليه وسلم من أذى اللسان : \" المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده \" . متفق عليه . وقال صلى الله عليه وسلم : \"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت \" متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه . وفي البخاري من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه :\" من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة \" .
وقال صلى الله عليه وسلم في بيان خطر اللسان لسفيان رضي الله عنه حين سأله : يا رسول الله حدثني بأمر أعتصم به ، فقال صلى الله عليه وسلم : \" قل ربي الله ثم استقم ، فقال : يا رسول الله ما أخوفَ ما تخافُ عليَّ فأخذَ بلسان نفسِه ثم قال: \" هذا \". وقال عقبة بن عامر رضي الله عنه : يا رسول الله ما النجاة؟ قال: \" أمسك عليك لسانكَ وليسعك بيتُك وابْكِ على خطيئتك \". ولما دلَّ معاذاً على خصال الخير من الصلاة والزكاة والصوم والحج والصدقة وقيام الليل والجهاد قال له : \" ألا أخبرك بملاك ذلك كلِّه؟ ، قال : بلى يا رسول الله فأخذ بلسانه وقال : \" كُفَّ عليك هذا ، قال : يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: \" ثكلتك أمك يا معاذ ، وهل يَكُبُّ الناسَ في النار على وجوههم إلا حصائدُ ألسنتِهم \".
لسانُ الفتى حتفُ الفتى حين يجهلُ
وكم فاتحٍ أبوابَ شرٍّ لنفسه
إذا ما لسانُ المرءِ أَكْثَرَ هذرَه
إذا شئت أن تحيا سعيداً مُسّلَّماً

وكلُّ امرئٍ ما بين فكيه مقتلُ
إذا لم يكن قفلٌ على فيه مُقفَلُ
فذاك لسانٌ بالبلاء مُوَكَّلُ
فَدَبِّرْ وميِّزْ ما تقولُ وتفعلُ


لقد ضرب الله عز وجل في كتابه مثلاً ، يبين حال الكلمة الطيبةً وحال الكلمة الخبيثة ، قال تعالى {ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتُثت من فوق الأرض مالها من قرار يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء}.
فالكلمةُ الطيبةُ ـــ كلمة التوحيد ، كلمةُ الحق ، كلمة الإصلاح ، كلمة التقوى ــ كالشجرة الطيبة ثابتةٌ سامقةٌ مثمرةٌ ، ثابتةٌ لا تزعزعها الأعاصير، ولا تعصف بها رياح الباطل . ولا تقوى عليها معاول الطغيان وإن خُيّل للبعض أنها معرضة للخطر الماحق في بعض الأحيان . سامقة متعالية على الشر والظلم والطغيان وإن خيل إلى البعض أحياناً أن الشر يزحمها في الفضاء . مثمرة لا ينقطع ثمرها لأن بذورها تنبت في النفوس المتكاثرة آناً بعد آن.
وإن الكلمة الخبيثة ــ كلمة الفجور ، كلمة الإفساد ، كلمة الباطل ــ كالشجرة الخبيثة قد تهيج وتتعالى وتتشابك، ويخيل إلى بعض الناس أنها أعظم من الشجرة الطيبة وأقوى، ولكن حقيقتها أنها نافشة هشة لا جذور لها في التربة ، ثم لا تلبث إلا أن تجتث من فوق الأرض فلا قرار لها ولا بقاء.
وبالرغم من خطورة الكلمة وعظم أثرها عند الله تعالى وعلى المجتمعات وبين الناس ؛ فقد بدأنا نسمع ونقرأ ونطالع مقالات وكتابات وتحقيقات غير مسؤولة تدعو إلى المنكرات علانية وتزين الباطل والفواحش تلبيساً وتدليساً وتغمز أهل الحق والإصلاح افتراءاً وتخرصاً.
أقلامٌ لا تكتب إلا في سوء، ولا تخط سوى اللغو والزور، ولا تسطر إلا الكذب والنفاق والتملق، مغتابة نمّامةً، همّازةً لمّازةً ، داعيةً إلى الفتنة وتأجيج الشهوات وإيقاد نار البغضاء بين الناس ، لا تسكت حين تسكت إلا عن خير ، ولا تكف حين تكف إلا عن صلاح أو إصلاح.
هراءٌ من الكلام السيئ ، وبثٌّ للأفكار الدخيلة ، وتعظيم خضيرة الغرب ، وغيرها من الكلمات التي لا يتفوه بها إلا من مرض قلبه ، فتُمرِض من يسمعها.
لغو ولهو ودعوة إلى العلمنة وإلى التغريب ، والطعن في الثوابت وضربٌ لوحدة المجتمع ورميٌ للثقافة الإسلامية بأنها ثقافة تقليدية متشبثة بوهم الخصوصية المطلقة وهوس التفرد الثقافي . تبجيلٌ للكفار ومدح وثناء على الفسقة والمنافقين وأهل الضلال والانحراف. وإذا كتبوا كلمة حق ؛ فإنهم يحجزونها في زاوية ضيقة ، أو في عمود لا يكاد يُرى إلا بالمكبر.
إن ما دفع هؤلاء لما يفعلونه : الغلو المقيت والمبالغة الخاطئة في مفهوم الحرية الشخصية والخصوصية الفردية في مقابل حق الجماعة ودور المجتمع . فباسم الحرية الشخصية وباسم خصوصية الأفراد ؛ هَشَّ مَنْ في قلوبهم مرض للمنكرات وارتضوها وشربوها وارتضعوها وعشقوها وغرقوا فيها ثم دعوا إليها . عاشوا في الفسوق والضلال وحاربوا الفضيلة ونشروا الرذيلة كل ذلك باسم الحرية الفردية والحقوق الشخصية.
لقد جرب الغرب الحرية بكل أشكالها ؛ حرية في العري والعهر والزنا واللواط وحرية في الكفر والإلحاد والردة حتى إنهم جعلوا ذلك في مناهج الدراسة وبرامج السياحة ووسائل الترفيه وكانت النتيجة التي انتهت إليها غالبيتهم ولا زالوا ينحدرون فيها ؛ أن تفككت المجتمعات على نحو مخيف وذابت الأسر بشكل مروع وذهب رونق الحياة ونضارتها وسوف تعصف بكل الجهود الكبيرة التي تبنى بها الحضارات ويقوم عليها بناء الأمم.
وإن من المؤسف أن ينتقل هذا الغلو في هذه النظرة الفردية إلى بعض حملة الأقلام من أبناء المسلمين فتراه لا يقبل النصيحة ولا يحب الناصحين بحجة أن هذا تدخل في الخصوصيات وحجر على الحرية الشخصية، بل إنه ليزعم أن هذا تحجر وانغلاق ورجعية وتزمت .
ويعلم الله والمؤمنون إن الإسلام قد قام على خلاف ذلك فلقد وازن بين حق الفرد وحق الجماعة ، وجعل المسؤولية مشتركة . قال صلى الله عليه وسلم \"كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته \" .رواه البخاري ومسلم .وقال تعالى {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض}.يجسد ذلك ويوضحه هذا المثال العظيم الدقيق الذي ضربه النبي صلى الله عليه وسلم حين قال : \" مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها ، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً ، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً \". رواه البخاري عن النعمان بن بشير رضي الله عنه .
أيها الأخوة في الله : ويوم يزيف هؤلاء هذا الحق ويلبسونه بالباطل بدعوى التقدم والحرية والخصوصية ، فإنهم يكونون بذلك قد جردوا الأمة من أقوى أسلحة دعوتها ودعامتها وتضامنها وضمانة الخيرية فيها ، وأبعدوها عن أقوى خصوصيةٍ لبقائها واستمرارها ، فتسقط الأمة من ميزان التقييم والتفضيل حتى تعبر إلى حضيض الانهيار الاجتماعي لتصاب باللعن والطرد كما لعن الذين من قبلها {لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون * كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون } .
وإن ما يدعو إليه هؤلاء وما يريدونه وما يخططون للوصول إليه من فشو المنكرات وظهور المعاصي وانتشار الفواحش ، لأمر خطير ونذر شر مستطير ، فالبلاء كل البلاء أن يعلن أصحاب المنكرات منكراتهم ويتظاهر أهل الشر بشرهم. والأمة التي تظهر فيها المنكرات وتفشوا وتعلن ؛ تتعرض لمحن عظيمة لا يعلم مداها إلا الله والمعصية إذا خفيت لا تضر إلا صاحبها أما إذا أعلن بها فإنها تضر العامة وكل الأمة معافى إلا المجاهرين. سألت أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: \"نعم إذا كثر الخبث \". رواه البخاري ومسلم.
يقول العلامة ابن باز طيب الله ثراه : ( وإن للمعاصي والذنوب من الآثار القبيحة المضرة بالقلب والبدن والمجتمع والمسببة لغضب الله وعقابه في الدنيا والآخرة ما لا يعلم تفاصيله إلا الله تعالى ، فهي تحدث في الأرض أنواعاً من الفساد في الماء والهواء والثمار والمساكن، قال تعالى {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }وقال تعالى { وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } وإن فيما يقع من الكوارث والابتلاءات والمحن عظة وعبرة ، والسعيد من وعظ بغيره ، وبالجملة فإن جميع الشرور والعقوبات التي يتعرض لها العباد في الدنيا والآخرة أسبابها الذنوب والمعاصي ، وإن من علامات قساوة القلوب وطمسها والعياذ بالله أن يسمع الناس قوارع الآيات وزواجر العبر والعظات التي تخشع لها الجبال لو عقلت ثم يستمرون على طغيانهم ومعاصيهم مغترين بإمهال ربهم لهم عاكفين على اتباع أهوائهم وشهواتهم غير عابئين بوعيد ولا منصاعين لتهديد قال تعالى {وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } أ . هـ .
* لا بد أن يعلم هؤلاء أن العقوبة شاملة وأن المصير واحد :
فإذا تهاون الناس مع أهل المعاصي والمنكرات الفكرية والأخلاقية وفشا أثرها فلا يزال الخبث ينتشر وتألفه النفوس وتتربى عليه الأجيال وحينئذ يحيق بالقوم أمر الله. صالحهم وطالحهم لا فرق بين المصلي والمعرض ، ولا تمييز بين الصالح والفاسق ، ولا تفضيل للمؤمن على الجاحد ، فالعقوبة إذا نزلت عمت الجميع ، ثم يبعث كل واحد بين يدي ربه على نيته .
فإذا ما غلت الأسعار فإنها لا تقتصر على الفاسقين وإذا ما اضطرب الأمن فإن لا يخص الطالحين وإذا استباح العدو الحمى فإنه لا يستثنى أحداً. وإذا ما استمر أصحاب الأهواء والشهوات في غيهم فعلى المجتمع أن يتحمل المسؤولية تجاه حاضره ومستقبله ودنياه وآخرته . قال صلى الله عليه وسلم \"لتأخذن على يد السفيه ولتأطرنه على الحق أطراً أو ليضربن الله قلوب بعضكم ببعض ثم يلعنكم كما لعنهم \". رواه أبو داود . فسبب المصائب والفتن كلها الذنوب .
فالذنوب والمعاصي ما حلت في ديار إلا أهلكتها، ولا في قلوب إلا أعمتها، ولا في أجساد إلا عذبتها، ولا في أمة إلا أذلتها، ولا في نفوس إلا أفسدتها.حتى إن شؤمها ليشمل الحيوان والنبات والجماد .
قال مجاهد في قوله تعالى {وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ }. قال: دواب الأرض تلعنهم، يقولون: يمنع عنَّا القطر بخطاياهم . وقال عكرمة: دواب الأرض وهوامها حتى الخنافس والعقارب يقولون: مُنِعنا القطر بذنوب بني آدم . وقال أبو هريرة رضي الله عنه : \"إن الحبارى لتموت في وكرها من ظلم الظالم \". حتى الحجر في ركن الكعبة اسودَّ من الذنوب والمعاصي . عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : \"نزل الحجر الأسود من الجنة وهو أشد بياضاً من اللبن فسودته خطايا بني آدم \". ومرَّ النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم بديار ثمود قوم صالح فأمرهم أن لا يدخلوها إلا وهم باكين حتى لا يصيبهم ما أصابهم ولا يشربوا ماءها لأنها ديار الظالمين، فقد أصاب الأرض والماء ما أصاب القوم من المقت بسبب المعاصي.
إن من تأمل في عالم اليوم وقلَّب نظره في أرجاء العالم الإسلامي أدرك ما عليه هذه البلاد المباركة بلاد الحرمين الشريفين من نعمة عظيمة حيث جعلت للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جهة مسؤولة وجهازاً خاصاً وهيئة تتولى القيام به وترعاه وتباشره وفق أنظمة شرعية على نهج الكتاب والسنة مع مراعاةٍ لمتغيرات العصر ومتطلبات الأحوال والناس، وهذا من توفيق الله وفضله لهذه البلاد وأهلها وقادتها بل هو من أخص خصائصها في رفعها لواء الحكم بما أنزل الله كتاباً وسنةً ودستوراً ونهج حياة . وهي كلمة حق تقال وأعمال تذكر وتشكر مع ما يرجى ويؤمل من مزيد الدعم والتأييد .
فالتيارات كثيرة والمتغيرات متسارعة والمغرضون كثر والمتربصون أكثر، ورافعوا ألوية الفساد لا يألون جهداً في خرق السفينة وسنن الله لا تحابي أحداً وليس لفردٍ ولا لمجتمعٍ حصانة ذاتية، ومن يضمن السلامة حين يتعرض لتيارات الفتن وموجات التحلل عياذاً بالله.
قال تعالى { ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وأن الله سميع عليم }.
يقول ابن كثير رحمه الله تعالى ( يخبر تعالى عن تمام عدله وقسطه في حكمه بأنه تعالى لا يغير نعمة أنعمها على أحد إلا بسبب ذنب ارتكبه) أ.هـ . ويقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى أيضاً عند هذه الآية : (فأخبر الله تعالى أنه لا يغير النعمة التي أنعم بها على أحد حتى يكون هو الذي يغير ما بنفسه فيغير طاعة الله بمعصيته, وشكره بكفره وأسباب رضاه بأسباب سخطه، فإذا غَيّر غُّير عليه جزاءً وفاقاً ، وما ربك بظلام للعبيد، فإن غيـّر المعصية بالطاعة غيـّر الله العقوبة بالعافية، والذل بالعز ، قال تعالى { إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وإذا أراد الله بقوم سوء فلا مرد له وما لهم من دونه من وال}.فما زالت عن العبد نعمة إلا بذنب، وما حلت به نقمة إلا بذنب، كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : (ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة) وقال تعالى { ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير } أ.هـ الجواب الكافي 105 .
وقال في موطن آخر عن عقوبات المعاصي إذا أعلنت وانتشرتومن عقوباتها: أنها تزيل النعم الحاضرة ، وتقطع النعم الواصلة ، فتزيل الحاصل وتمنع الواصل، فإن نِعَمَ الله ما حُفِظ موجودُها بمثل طاعته، ولا استُجلِب مفقودها بمثل طاعته ، فإن ما عنده لا ينال إلا بطاعته ، وقد جعل الله سبحانه لكل شيء سبباً وآفة ، سبباً يجلبه ، وآفة تبطله ،فجعل أسباب نعمه الجالبة لها طاعته ، وآفتها المانعة منها معصيته، فإذا أراد حفظ نعمته على عبده ألهمه رعايتها بطاعته فيها، وإذا أراد زوالها عنه خذله حتى عصاه بها.ومن العجيب علم العبد بذلك مشاهدةً في نفسه وغيره ، وسماعاً لما غاب عنه من أخبارِ مَن أزيلت نعم الله عنهم بمعاصيه ، وهو مقيم على معصية الله،كأنه مستثنى من هذه الجملة أو مخصوص من هذا العموم، وكأن هذا الأمر جار على الناس لا عليه ، وواصل إلى الخلق لا إليه . فأي جهل أبلغ من هذا ؟ وأي ظلم للنفس فوق هذا ؟، فالحكم لله العلي الكبير) . أ.هـ الجواب الكافي ص:145 .
إن الله سبحانه وتعالى ليس بينه وبين أحد من خلقه نسب إلا طاعته، وسننه سبحانه في المعرضين عن طاعته معروفة ومطردة، قال تعالى {ولقد أهلكنا أشياعكم فهل من مدّكر }، فهل هذا ما يريده دعاة المعصية وناشرو الرذيلة ؟.
ما أهون الخلق على الله عز وجل إذا بارزوه بالمعصية . عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه قال : لما فتحت قبرص فُرِّق بين أهلها، فبكى بعضهم إلى بعض .فرأيت أبا الدرداء جالساً وحده يبكي، فقلت : يا أبا الدرداء ما يبكيك في يوم أعزَّ الله فيه الإسلام وأهله ؟ فقال : ويحك يا جبير، ما أهون الخلق على الله عز وجل إذا أضاعوا أمره : بينما هي أمة قاهرة ظاهرة لهم الملك، تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى .
ولنسمع إلى هذا المثل الذي ضربه الله عز وجل لمن كفر بأنعم الله عز وجل وعاقبة من وقع في معاصيه ، قال الله عز وجل {وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون }. فهذا المثل وإن كان في الكفار الذين أشركوا وكفروا نعمة الله تعالى؛ إلا أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.وهذا إنذار وتحذير للأمم التي تعيش في رغد من العيش وأمن وسكينة؛ أنها إن كفرت بنعمة الله تعالى وقابلتها بالمعصية والإعراض فان الله عز وجل يسلبها نعمة الأمن والمعيشة، ويذيقها مكان ذلك الجوع والخوف، وخطر الابتلاء بالجوع والخوف ليس في ذاتهما فحسب، ولكن الخطر الحقيقي يكمن فيما يجرانه على الناس من تنازلات في الدين والأعراض . فكم من تارك لدينه ومرخص لعرضه دافعه إلى ذلك الجوع والخوف عياذاً بالله . وهذه سنة إلهية إذا انعقدت أسبابها وقعت بالناس ولات حين مناص.وإن في التاريخ لعبراً، ويكفي أن نتذكر ما حل بالمسلمين في بغداد في القرن السابع ، حينما اجتاح المغول التتر عاصمة السلام في ذلك الوقت وما جرى في هذا الهجوم من حوادث مريعة يقشعر لها جِلْدُ القارئ بعد هذه القرون، فكيف بمن عاناها واصطلى بحرها!!! . وقارنوا أحوالنا اليوم بحال المسلمين زمن دخول التتر إلى بغداد، فهل نحن اليوم أحسن حالا منهم، حتى ننجو من خطر الأعداء الذين أحاطوا بنا من كل جانب ؟. والجواب: لا ، لسنا بأحسن حالاً منهم . فواقعنا الحالي لا يقارن في سوءه بذلك العصر، ومع ذلك سلط الله عليهم الكفرة المتوحشون الذين سفكوا الدماء وهتكوا الأعراض، وأفسدوا الحرث والنسل { وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون }.
إن الخَطْبَ جِدُّ خطير، وإن عقاب الله عز وجل لا يُسْتدفَع إلا بتوبة وإنابة وصلاح وإصلاح { وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون } ، وإن أسباب العقوبة تنعقد إذا أقام الناس على المعصية واستمرؤوها وصدَّقوا من يزينها ويدعو إليها.
لقد انتشرت المعاصي وكثُر الخبث : تساهل كثير من الناس بالصلاة ، ومنعوا الزكاة ، وعقوا الوالدين وقطعوا الأرحام ، وفشا الربا ، ووقع بعض المسلمين في تعاطي المسكرات والمخدرات ، وكثُر الغش في المعاملات ودُفِعت الرشوة التي لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الساعي فيها ودافعها وآخذها ، وكثُرَ الفجورُ في الخصومات ، والزورُ في الشهادات، وتساهلت النساء بالحجاب إلا من رحم الله ، وتبرجن بزينة الثياب، وكثر الزنا وكثرت وسائله الخبيثة الماكرة من قنوات ومجلات خليعة تدعوا إلى الفاحشة وتحببها في النفوس وتزينها.
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى مبيناً خطر فشو المنكرات والمعاصي : (إذا قامت البدع مقام السنن ، والهوى مقام الرشد، والضلال مقام الهدى والمنكر مقام المعروف والجهل مقام العلم، والرياء مقام الإخلاص، والباطل مقام الحق، والكذب مقام الصدق، والمداهنة مقام النصيحة، والظلم مقام العدل . فإذا صارت الغلبة لهذه الأمور ؛ اقشعرت الأرض وأظلمت السماء وظهر الفساد في البر والبحر من ظلم الفجرة، وذهبت البركات وقلَّتِ الخيرات، وهزلت الوحوش وتكدرت الحياة من فسق الظلمة وبكى ضوء النهار وظلمة الليل من الأعمال الخبيثة والأفعال الفظيعة، وشكا الكرام الكاتبون والمعقبات إلى ربهم من كثرة الفواحش وغلبة المنكرات والقبائح . وهذا والله منذرٌ بسيلِ عذابٍ قد انعقد غمامه، ومؤذن بليل بلاء قد ادلهم ظلامه ).
ثم يقول ناصحاً : ( فاعزلوا عن طريق هذا السبيل بتوبة نصوح ما دامت التوبة ممكنة وبابها مفتوح . وكأنكم بالباب وقد أغلق، وبالرهن وقد غلق، وبالجناح وقد علق {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون }.أ . هـ بتصرف يسير .
لقد رفع الله عز وجل العذاب عن أمة رأت بوادره بتوبتها وإيمانها ورجوعها إلى طاعته سبحانه.قال الله تعالى { فلو لا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين } .
إن أحوال أمة الإسلام وما حلَّ فيها من معاصي الله تعالى ومساخطه وما نزل فيها بسبب ذلك من البلايا والمحن والكوارث لتجعل العقلاء والمصلحين وأهل الحل والعقد في هذه البلاد يسعون لمزيد من الإصلاح والدعوة ونشر الخير ومحاربة الرذيلة والفساد دفعاً لعقاب الله ونجاةً من سخطه .
عن عبيد الله بن جرير رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم :\" ما من قوم يُعمَل بينهم بالمعاصي هم أعز وأكثر من يعملونه ، ثم لا يغيرونه إلا عمَّهم الله بعقاب \". أخرجه أحمد وأبو داود . وفي الحديث الصحيح الذي رواه الإمام أحمد عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : \" إذا ظهرت المعاصي في أمتي عمهم الله بعذاب من عنده، فقالت : يا رسول الله أما فيهم صالحون ؟ قال : بلى ، قلت: فكيف يُصنَع بأولئك ؟ قال : يصيبهم ما أصاب الناس ثم يصيرون إلى مغفرة من الله ورضوان \". والحمد الله رب العالمين
[b]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://eltwhed.yoo7.com
 
حتى لا نختطف جميعاً
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى التوحيد :: شبهات وردود علمية :: العولمة والعلمانية-
انتقل الى: