تتشدق العديد من الحكومات في الدول الإسلامية بالعلمانية وبالحرب ضد "الإرهاب" لكبح جماح الصحوة الإسلامية ونشاطاتها المختلفة من جهة.. ومن أجل كسب ود الحكومات الغربية ولضمان البقاء في السلطة من جهة أخرى.
وطاجيكستان إحدى الجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى التي استقلت عن الاتحاد السوفيتي السابق ... التي تنتهج حكومتها النهج العلماني، وتحارب أي رموز للإسلام في البلاد.
طاجيكستان في سطور
قبل البدء في عرض هذا التقرير نقدم بعض المعلومات الأساسية عن طاجيكستان، التي دخلها الإسلام على يد الفاتحين المسلمين في عهد الأمويين عام 706م .
يصل عدد سكان طاجيكستان إلى سبعة ملايين نسمة، وهم خلافاً لمعظم الجمهوريات الإسلامية المجاورة يتكلمون اللغة الفارسية. وغالبيتهم من السنة الأحناف، باستثناء أعداد قليلة ينتمون للطائفة الإسماعيلية.
ويمثل الطاجيك 62% من إجمالي السكان، بينما يشكل الأوزبك 23% والروس 7.6% وهناك أقلية ألمانية لا تزيد عن 1% وبقية الـ 6% تتوزعها أقليات إسلامية من التتار والقرقيز والتركمان وغيرها.
وقد خرّجت طاجيكستان العديد من الأعلام الكبار الذين أثروا الإسلام بعلمهم، أمثال: الإمام البخاري، والترمذي، والخوارزمي، وابن سينا.
مداهمة المدارس وإغلاق المساجد
غير أن حكومة الرئيس الطاجيكي إمام علي رحمانوف، الذي يتولى الحكم منذ 1992، تواصل في هذه الأيام بكل قوة حربها الضروس ضد كل ما يحمل صبغة إسلامية في البلاد.
وقد أقدمت السلطات الطاجيكية قبل أيام على خطوة جديدة في إطار حربها ضد المسلمين المحافظين، تمثلت هذه المرة في إغلاق العديد من المراكز الدينية الأهلية.
وجاءت هذه الخطوة عقب إجراءات صارمة، مثل حظر ارتداء الحجاب في المدارس، وإغلاق العشرات من المساجد في طاجيكستان.
وتبرر السلطات هذه الإجراءات المتشددة بقولها إنها تسعى لمنع انتشار ما تسميه التطرف الإسلامي في البلاد. ولكن وزارة الخارجية الأمريكية، في تقريرها السنوي الأخير حول حقوق الإنسان، عبّرت عن قلقها إزاء الضغوط على الحريات الدينية في طاجيكستان.
وبدا واضحًا أن الخطوة الأخيرة التي اتخذتها السلطات الطاجيكية ضد المسلمين المحافظين تستهدف جيل الشباب، حيث شنت فرق وزارة الداخلية مداهمات خلال يومي 23، 24 أبريل الجاري على عدة أماكن في العاصمة دوشنبيه، يتعلم فيها الأطفال اللغة العربية وتعاليم الدين الإسلامي.
ولم تكتفِ قوات الشرطة بذلك فحسب، بل استجوبت العديد من الأطفال في هذه الأماكن قبل أن تفرج عنهم بعد بضع ساعات، حيث لم يسمح آباء هؤلاء الأطفال للشرطة باقتياد صغارهم معهم.
وقال شمس الله محمدوف، رئيس دائرة الشئون الداخلية في مقاطعة "سينو" في دوشنبه، والذي كان مكلفًا بشن بعض هذه المداهمات : "خلال عملية البحث الخاصة في شارع راسولوف، وجدنا العديد من الأطفال القاصرين الذين يدرسون التعاليم الدينية" في عدد من المنازل.
وأضاف "عندما دخلنا المنزل، كان المكان في حالة يرثى لها. فالأطفال يجلسون في ظروف صعبة وهم جياع. وبدا أن مدرسهم كان يعذب الأطفال"، وهي الادعاءات التي يصعب تصديقها.
حظر الحجاب
وقبل أسابيع قليلة من هذه المداهمات، حظرت الحكومة العلمانية ارتداء الحجاب في مدارس وجامعات طاجيكستان. ووصف وزير التعليم عبد الجبار رحمانوف الفتيات اللاتي يرتدين الحجاب بأنهن "أتباع الحركات الإسلامية التي تسعى للترويج لأجندتها في المؤسسات التعليمية".
وقال رحمانوف إن "غطاء الرأس هذا يمثل أيديولوجية دينية ويتعارض مع قانون التعليم"، وهدد بأن "الطالبات اللاتي سيمتنعن عن تطبيق القواعد الجديدة سيواجهن الفصل من المدرسة".
وبرر الوزير القرار بأن الحجاب "انتشر في الآونة الأخيرة بصورة كبيرة بعد أن كان ارتداؤه يقتصر على حالات محدودة ومنعزلة حتى وقت قريب وهو ما يساهم في نشر الأيديولوجية الدينية".
الإسلام هو الخيار الأفضل
هذا، وقد عبّر الطاجيكيين العاديين عن مشاعر مختلطة إزاء الموقف المتشدد لحكومتهم في التعامل مع القضايا الدينية. فقالت فئة كبيرة منهم إن مخاوف الحكومة من تهديدات المتطرفين الإسلاميين في طاجيكستان مبالغ فيها .. بل وفي غير موضعها.
وقالت طاجيكية تعيش في دوشنبه، طلبت عدم الكشف عن اسمها: "أنك لا تستطيع أن تصف تلك الأماكن بأنها مدارس''. وتابعت "أننا نرسل أبناءنا إلى شيخنا كي يتعلموا مبادئ الإسلام".
وأضافت أنه نظرًا لأن الشباب أكثر عرضة "للعادات السيئة" ، مثل تعاطي المخدرات، فإنها تريد حماية أطفالها من هذه المشاكل بإرسالهم لتلقي دروس دينية.
وقالت إن "الإسلام هو (الخيار) الأفضل الذي يمنع الأطفال من الانحراف إلى الفساد أو الدعارة".
ولكن بعض الطاجيكيين كانوا أكثر حذرًا بشأن المساجد والمدارس، وقالوا إن بعض الأماكن الدينية تتجاوز دورها فيما يتعلق بالصلوات أو تدريس الإسلام.
وتقول موهايو (22 عامًا) وهي طالبة، إنها حصلت ذات مرة على "سي دي" من أحد مساجد دوشنبه، وقالت إن "السي دي" كان يدعو الفتيات لارتداء الحجاب.
واعتبرت أن "توزيع هذه السي ديهات يجب أن يُحظر". وأضافت "هل تفهم كيف أن الكثير من الشباب سيرسل في الاتجاه الخطأ بمثل هذه الأشياء؟ أعرف بعض الأشخاص من بينهم أصدقائي الذين تحولوا إلى متعصبين .. ".
وأضافت أنها تصلي الصلوات الخمس يوميًا، ولكنها لا توافق على إرسال الأطفال إلى شخص يدير مدرسة داخل المنازل.
وتابعت "إذا كنت تريد أن تتعلم الإسلام .. هناك العديد من الخيارات الأخرى . مثل استعارة كتاب من مكتبة أو حضور دروس مناسبة في مدارس مسجلة مع مدرس متعلم"، على حد قولها.
ميرزو ساليموف ـ إذاعة أوروبا الحرة
ترجمة وإعداد محمد قشوة
المفكرة الإسلامية