لا شك أن مشاركة أهل العلم في بيان هذه القضية هو من الميثاق الذي أخذه الله عليهم في تبيان كتاب الله وعدم كتمانه، وهو ميثاق غليظ عظيم واجب التنفيذ، فموضوع سيادة الشريعة اكبر من أن يُسكت عنه أو يُجامل فيه.
في الأيام القليلة الماضية انتشرت مقالات وتعليقات ومشاركات كثيرة تتحدث عن قضية سيادة الشريعة، وذلك من خلال تأصيل سيادة الشريعة وارتباطها بأصل الإيمان، ونقد التيارات الفكرية التي تقدم سيادة الأمة وتجعلها معيارا لشرعية ما تختاره سواء كان الاختيار للشريعة أو غيرها، هذه المشاركات تذكرنا بالصراع الكبير بين الحركات الإسلامية والعلمانيين العرب حول تحكيم الشريعة والإشكاليات التي تم طرحها ومناقشتها في القرن الهجري الماضي .
وقد انتفع المسلمون بكتابات أهل العلم وردودهم وترسخت لديهم المفاهيم الشرعية حول حاكمية الشريعة وخطورة الفكر العلماني على هذه القضية الكبرى من قضايا الإسلام المصيرية ، والتي حاربها الاستعمار الغربي محاربة بلا هوادة، وسعى بكل ما يملك إلى تشويهها والزعم بمنافاتها لحقوق الإنسان، وهذا يؤكد أهمية قضية سيادة الشريعة ، وضرورة المشاركة في ترسيخها في الوعي الاجتماعي والتدليل عليها وإزالة كافة الشوائب والإشكالات المثارة حولها.
وهذه المشاركات الكثيفة لا يعنى بها الرد على مقال لكاتب أو إسقاط لشخص كما يظن ذلك البعض بل المقصود تكثيف الحديث في فكرة محورية في المنهج الإسلامي وأحد خصائص الشريعة الإسلامية العظيمة، وهي في ذات الوقت قضية مركزية في الفكر العلماني المعاصر الذي تبنى الديمقراطية الغربية كنظام للحكم.
ومصطلح " سيادة الأمة " ليس مصطلحا جديدا، بل هو مصطلح متداول في الفكر السياسي المعاصر، وقد حصل خلط فكري لدى فئة من المثقفين ولم يدركوا مآلات إطلاق القول بسيادة الأمة مما كان له اثر عميق في إلغاء خاصية الإلزام في الشريعة الإسلامية، وإلغاء أحكام الجهاد والحسبة، وقتال المرتدين، بل وتجويز الحكم بغير الشريعة، وهذه القضية يحوم حولها التنويريون منذ فترة طويلة بسبب تعظيمهم للديمقراطية، واختلال ميزان الأوليات وإدخال مفاهيم أجنبية على الفكر الإسلامي، فالحاجة للبيان غدت أكثر إلحاحا.
وهذا ما اقتضى إبراز هذه القضية وتوضيحها لخطورة الخلل فيها، فالمسألة اكبر من شخص محدد أو كاتب معين بل هو تأصيل شرعي للقضية، وتفكيك منهجي للفكر العلماني والتنويري وتبيين الاختلالات المنهجية في الفكرة وحماية المسلمين من هذه الفكرة الخطيرة المؤثرة على اصل الإيمان
ولا شك أن مشاركة أهل العلم في بيان هذه القضية هو من الميثاق الذي أخذه الله عليهم في تبيان كتاب الله وعدم كتمانه، وهو ميثاق غليظ عظيم واجب التنفيذ، فموضوع سيادة الشريعة اكبر من أن يُسكت عنه أو يُجامل فيه.