منتدى التوحيد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى التوحيد

 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  دخول  التسجيلالتسجيل  
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» لتعليم بالعمل
الهدهد داعية التوحيد Emptyالإثنين 18 أكتوبر - 20:04 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» شرح نخبة الفكر الشيخ يعد بن عبد الله لحميد
الهدهد داعية التوحيد Emptyالسبت 15 مايو - 13:40 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» الجهود المبذولة في قتل الإسلام سعد بن عبدالله الحميد
الهدهد داعية التوحيد Emptyالسبت 15 مايو - 0:47 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» أثَرُ الأكثَرِيَّةِ في تقويةِ قَولٍ ما (تاركُ الصَّلاةِ كَسَلًا أُنموذَجًا)
الهدهد داعية التوحيد Emptyالخميس 13 مايو - 0:39 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» أحكام زكاة الفطر
الهدهد داعية التوحيد Emptyالأربعاء 12 مايو - 3:52 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» الأقوالُ الرَّاجِحة المُتعقِّلة في أنَّ ليلةَ القَدْرِ مُتنقِّلة
الهدهد داعية التوحيد Emptyالثلاثاء 11 مايو - 23:12 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» إخراجُ زكاةِ الفِطرِ نُقودًا مجانِبٌ للصَّوابِ
الهدهد داعية التوحيد Emptyالإثنين 3 مايو - 13:50 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

»  فائدة منتقاة من كتاب «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» للإمام أبي بكر عبد الله ابن أبي الدنيا -رحمه الله-.
الهدهد داعية التوحيد Emptyالإثنين 3 مايو - 1:55 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» العلم
الهدهد داعية التوحيد Emptyالأحد 2 مايو - 3:48 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» مطوية (اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ‏)
الهدهد داعية التوحيد Emptyالإثنين 6 أبريل - 13:41 من طرف عزمي ابراهيم عزيز

المواضيع الأكثر نشاطاً
بطاقات وعظية
مطوية (قُلْ صَدَقَ اللَّهُ)
مطوية ( رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي )
حكم الاشتراك في ثمن الشاة الأضحية بين الأخوة الأشقاء
مطوية (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ)
مطوية_فضائل العشر من ذي الحجة وتنبيهات حول أحكام الأضحية والذكاة
مطوية (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ)
موقع الجماعة المؤمنة أنصار الله
مطوية ( وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ)
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)






 

 الهدهد داعية التوحيد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أبو لقمان
زائر




الهدهد داعية التوحيد Empty
مُساهمةموضوع: الهدهد داعية التوحيد   الهدهد داعية التوحيد Emptyالخميس 16 يونيو - 16:06

الخطبة الأولى


 



إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهدِ الله فلا مضل له، ومن يضل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وسلم تسليمًا كثيرا.



أما بعد:



عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى، وراقبوا ربكم واخشوه، فإن أجسادكم وعظامكم على النار لا تقوى.







تزود من التقوى فإنك لا تدري  ‍
فكم من فتًا أمسى وأصبح ضاحكًا  ‍
وكم من صغار يُرتجى طول عمرهم  ‍


  إذا جن ليل هل تعيش إلى الفجر؟
  وقد نًسجت أكفانه وهو لا يدري
  وقد أُدخلت أجسادهم ظلمة القبر



فيا عباد الله، يا عباد الله: اتقوا الله الذي لا بد لكم من لقائه، ولا منتهى لكم دونه، فأحسنوا الأدب واستعتبوا من ربكم فأنتم في وقت الاستعتاب وفي وقت التوبة.



واعلموا أن أحسن الحديث كلام الله - جل وعلا -، وأحسن الهدي هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأن شر الأمور محدثاتها، و كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة.



 أيها المسلمون، يا أهل التوحيد: ملَّ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ملة، والقلوب لها إقبال وإدبار، ولكن هذا القرآن هو النعمة الكبرى، يصلح لكل ظرف ولكل وقت، فقالوا: " يا رسول الله حدثنا "، فأنزل الله: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾ [الزمر/23].



ثم ملُّوا ملة أخرى فقالوا: " يا رسول الله حدثنا حديثًا فوق كذا ودون كذا "يعنون القصص فأنزل الله: ﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ ﴾ [يوسف/3].



عباد لله: هذه وقفة مع بعض هذه القصص، فيه عبرة، فيه عبرة،لا تفنى على مر الأجيال والدهور.



يقول ربنا - جل وعلا - عن نبيه سلمان - عليه السلام - قال: ﴿ وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ ﴾ [النمل/20] التفقد - عباد الله - هو ضمان هذه الأمة وضمان الأفراد، الراعي يتفقد الرعية، والرعية تتفقد الراعي وتنصح له، والأب يتفقد أولاده وزوجته وجيرانه وإخوانه، وهكذا كل أحد يتفقد، كان والله آباؤنا يتفقد بعضهم بعضًا في صلاة الصبح، فالغائب يناصحونه، وإن كان مريضًا عادوه وهكذا تفقد، لما فقدنا هذا التفقد وعاش كل منا لنفسه ساءت أحوالنا وساءت قلوبنا حتى إن المريض يمرض ولا أحد يشعر به، بل يموت ولا أحد يدري عنه، ويصيبه من الهم وليس حوله أحد، وتفقد الطير - عليه السلام - ﴿ وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا﴾ وفي هذا أن الولاية تحتاج إلى نوع حزم في موضعه، وكان أنبياء الله على أعلى درجات الحكمة ووضع الشيء في موضعه، ﴿ لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا ﴾.



ومن أطرف التفاسير ما قاله بعض السلف أنه قال: معنى ﴿لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا﴾: لأحشرنه وأحبسنه مع أضداده، قالوا:







وأضيق السجون معاشرة الأضداد  ‍


  مرض القلوب والأجساد.



 كما قال أبو الطيب:







واحتمال الأذى ورؤية جانيه  ‍


  غذاء تضوى به الأجساد



 



أي: تهلك وتهزل وتضعف



 ﴿ لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (21)﴾ أي حجة واضحة يأتيني بحجة واضحة بينة ﴿ فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ ﴾ جاء هذا الطير، وبالمناسبة: فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما عند أحمد وفي بعض السُنن كابن ماجة وغيره: " نهانا عن قتل أربع من هذه الطيور الصغار والكبار، نهانا عن قتل النملة" وهي من الحشرات " وَالنَّحْلَةُ وَالْهُدْهُدُ وَالصُّرَدُ"، فهو منهي عن قتله، ولله في ذلك الحكمة العظمى.



﴿ فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ وتُحِطْ بِهِ ﴾ وفي هذا - أيها الأخوة - أن الكبير قد يتعلم من الصغير، والفاضل يتعلم من المفضول، والسلف والصحابة يقولون: " لا يكون العالم عالمًا حتى تكون فيه خصال، منها أن يتواضع لمن دونه ويأخذ الحق ممن جاء به وإلا فليس بعالم".



سليمان - عليه السلام - وهو أفضل أهل زمانه يتعلم من هذا، هذا عنده علم بما علمه الله وبما رآه ليس عند سليمان ﴿ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ وتُحِطْ بِهِ ﴾ وفي هذا وقفة أخرى - أيها الأخوة - وهي الإحاطة بالشيء ليس في العلم به، الإحاطة هي العلم بالشيء من كل نواحيه.



وهذا هو السر في كثرة كلمة, ((لا أدري)), عند السلف، مالِك يُسأل عن أربعين ويجيب عن أربع، العُشر، لماذا؟ لأنهم - رحمة الله عليهم - من ورعهم وديانتهم لا يفتون في مسألة إلا ما أحاطوا بها علما، وليس ما أخذ بعض علمها حتى يحيط بالمسألة ويتيقن منها؛ لأنه مقام صعب التوقيع عن رب العالمين، أن تكون حجة بينه وبين عباده، ولو أن الرجل لم يتكلم في مسألة إلا قد أحاط بها علما - كما قال السلف - لقل كثير من الكلام ومن النقاش ومن الخلاف.



فيا عباد الله: لا تتكلم في دين الله، ليس بما علمته، بما أحطت به علمًا وعرفت وجوهه ومدخله ومخرجه وخلاف الصحابة فيه والآيات حتى تتكلم عن بينة، وإلا من ترك لا أدري أُصيبت مقاتله.



﴿ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ وتُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22)﴾ وفيه أن الأخبار تُؤخذ من الثقات المتأكدين، فرب ثقة غير متأكد من كلامه،" ﴿ اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾ [الحجرات/12]، ورب فاسق لا يُقبل كلامه،" ﴿ إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ ﴾ [الحجرات/6].



هذا الهدهد طيب ويدل على ذلك فطرته وما سيأتي من حديث، وأيضًا هو يقول: بنبأ يقين﴿ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ ﴾ وهذا ليس من التفكه بحديث الناس وأخبار الدول، ولكن له مقصد شرعي، هذا الهدهد يعلم أن أحب شيء إلى سليمان - عليه السلام - الجهاد في سبيل الله والغزو وإخضاع الممالك لحكم الله - جل وعلا -، فبشره بهذه البشارة، ها هنا مملكة تحتاج إلى حكم الله، تحتاج إلى الغزو في سبيل الله.



ولذلك جاء في الصحيح أن سليمان - عليه السلام - قال: " لأطوفن الليلة على مائة امرأة كلها تلد غلامًا يجاهد في سبيل الله " حتى في لذته وشهوته ينوي إعزاز دين الله - عز وجل -، " تلد كل واحدة غلامًا يجاهد في سبيل الله ".



فبشره هذا الطير ﴿ إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ وفي هذا وقفة - أيها الأخوة - وهو فهم لغة العرب، فكثير ممن ضل بسبب هذه المسألة، أوتيت من كل شيء، العجم تأخذها على ظاهرها، والعرب يطلقون العام ويريدون به الخاص، أوتيت من كل شيء, وفيه تقدير أي: مما يحتاجه الملوك كما قال السلف ولم تؤت من كل شيء، كما قال الله: ﴿ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ ﴾.



لما فُقد فهم الصحابة وفهم السلف وفهم العرب، وفُقد تعلمه وقع الإشكالات الكبرى، حتى أن بعضهم يسمع قوله - صلى الله عليه وسلم - : " لم يعمل خيرًا قط "، ثم يفتي بقول المرجئة الكبار الغلو، أن من لم يعمل خيرًا قط مع القدرة فهو مؤمن، وهذا هو مذهب المرجئة المتجهمة، مع أنه موجود هذا في كلام السلف



﴿ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23)﴾، ثم أكمل التقرير هذا الطير، التقرير المقدم إلى سليمان - عليه السلام -، إنه رأى في طيرانه من فلسطين وهي عاصمة سليمان، إلى اليمن رأى مشاهد كثيرة ومناظر معجبة ، لكن من كان على الفطرة أكثر همه للتوحيد وآثار التوحيد والهجرة والجهاد، هذا همه الأكبر إن كان موحداً.



يا الله، يا ليت الناس يتعلمون من هذا الطير، يوم يسافرون فلا يهزهم رؤية الشرك ولا تؤثر فيهم، يقصون عليك كل شيء رأوه وأما الأوثان التي تُعبد من دون الله وسب الإله وترك الصلاة في الدول العربية والإسلامية المسماة هكذا لا يؤثر فيهم، هذا الطير لم ينقل له تلك القصور التي بنتها ملكة سبأ، حتى قيل أن قصرها له ثلاث مائة وستين غرفة على درجات الشمس، ولها نافذة لأنها تعبد الشمس، وفي كل يوم تطلع الشمس من هذه النافذة تمامًا، استعانت على هذا بالفلكين والمهندسين والحضارات العريقة حتى بنت هذا القصر الذي يستدير مع درجات الشمس، مع المشارق والمغارب، لم يقص عليه هذه المشاهدات، ولا خضرة اليمن وأنهارها، قص عليه ما آلمه وأحزنه وأخذ بتفكير هذا الطير الذي على الفطرة، الذي يعلم بما علمه الله وركزه في فطرة كل خلق أن الكون كله يعلم أن الشرك شذوذ يلفت النظر، وأن التوحيد هو الأصل، الجبال والطير والنباتات والسماء والأرض كلها على التوحيد، كلها تسبح الله وتوحده، فالشرك هو الشذوذ، هو الخروج عن القاعدة يلفت كل نظر إلا من اتبع هواه:



قال تعالى: ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ ﴾ [الجاثية/23].



وقال تعالى: ﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ﴾ [الفرقان/44].



وقال تعالى: ﴿ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [الأعراف/179].



اليوم نسمع أخبار الثورات، أخبار الدول، أخبار الأحزاب، أخبار المشايخ والدعاة، أخبار كل شيء، أخبار الشعوب، لكن ما درجة تركيزنا على الأمر الأعظم الذي خُلقت لأجله السماوات والأرض؟ ما وضع التوحيد عنده؟ في خطاباتهم، في قيامهم، في جلوسهم، هذه الشعوب التي تتأذى من الحكام ما حالها مع حق الله الأعظم؟



إن أقل القليل من يفكر بتفكير هذا الطير الموحد الذي على الفطرة؟ قال في أعظم حدث رآه حتى أنه غيب عنده كل شيء آخر ﴿ وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ أمر عجيب، يخالف للفطر مخالف لكل شيء في الكون، يسجدون للشمس من دون الله؟ فكيف لو رآهم يسجدون للحجر والوثن والقبر والضريح ونحو ذلك؟ ثم تجد الدعاة والعلماء - زعموا -والمجاهدين - زعموا - بين أظهرهم ولا يتأثرون تأثر هذا الطير الذي جاء مسرعًا إلى سليمان أن يعجل بفتح هذه البلاد التي انحرفت عن ما خلقها الله له، يسجدون للشمس من دون الله؟!



ثم هذا الهدهد الفقيه لم يلتمس لهم الأعذار كحال أشباه البهائم الذين خالفوا كل شيء، لم يقل إن هؤلاء أضلهم علماؤهم أو في بيئات شركية ولو كان هذا هو الواقع، وإنما ذكر السبب الحقيقي، قال: ﴿ يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ ﴾ وضع أصبعه على السبب الحقيقي، كل الناس خُلقوا حنفاء ولودوا حنفاء، فجاءت الشياطين فاجتالتهم فصدقوها واتبعوها واتخذوها أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون، هذا السبب الحقيقي. ﴿وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24)﴾ لما اتبعوه لا يهتدون؛ لأنهم يحسبون أنهم مهتدون، وصاحب الانحراف لا يُوفق إلا أن يتداركه الله بنعمة وفضل كما تدارك هذه الملكة، علم الله فيها خيرًا فاسمعها، هي من قوم كافرين كما قص الله، ما عذرهم بجهل ولا بغيره، فقال: ﴿ وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ ﴾ [النمل/43] هي كافرة ولو كانت جاهلة، تستحق الجهاد وحكمها حكم المشركين.



فيا عباد الله: ألا نتعلم من هذا الطير؟ ألا نعرف أن التوحيد لا يخفى على البهائم؟ وأنه حق الله الأعظم، وأنه لا يجهله أحد من نبات أو حجر أو شجر أو حيوان أو طير، حق الله الأعظم، وأن الشرك مستفذ لكل من بقيت فطرته سليمة ولم يزين الشيطان له عمله ثم يبحث عن الأعذار، يزين له عمله ثم يبحث عن الأعذار، وَزَيَّنَ ﴿ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ ﴾ الذي وُلدوا عليه، الذي تدل عليه كل ما أمامهم ﴿ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24)﴾.



ثم قال هذا الطير: ﴿ أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ ﴾ هذا حق الله الأعظم، الفطرة والعقل والكون يدل على أنه لا سجود إلا لله، لا عبادة إلا لله  ﴿ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾ يقوله الطير ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾ لا أحد يستحق العبادة إلا هو﴿ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26)﴾ .



ما أعجب هذه القصة، من ملَّ ملة فعليه بقصص القرآن يقلبها ويتدبرها وينزلها على واقعه ينتفع ويحيا.



اللهم انفعنا وارفعنا بالقرآن العظيم، اللهم علمنا التوحيد يا رب العالمين وزدنا إيمانًا وتوحيدًا ويقينًا وفقها في كل ساعة وفي كل نفس، اللهم زدنا إيمانًا وتوحيدًا ويقينًا وفقها يا رب العالمين.



اللهم نعوذ بك من الشرك وأهله، اللهم نعوذ بك من الشرك وأهل الشرك ومن زين الشرك واعتذر لأهل الشرك يا رب العالمين فإنهم لا عذر لهم أمام الله، فقد خلقتهم حنفاء وأوضحت لهم الأدلة في كل شيء أمامهم يا حي يا قيوم حتى الطيور تعرف الشرك وأنه لا عذر لأحد به، وإنما هو تزيين الشيطان وإتباعه وعبادته.



اللهم تب علينا إنك أنت التواب الرحيم، اللهم ثبتنا على الصراط، اللهم خذ بنواصينا وقلوبنا للبر والتقوى، اللهم لا تكلنا لأنفسنا طرفة عين، ولا إلى أحد من خلقك، أنت حسبنا ونعم الوكيل.



أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.









الخطبة الثانية


 



الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليمًا كثيرا.



معاشر أهل التوحيد المتبرئين من الشرك وأهله: وفي هذا من العجائب ألا يحقر العبد نفسه في نشر التوحيد، فهذه أمة أسلمت بسبب طير، لم يحقر نفسه، وإنما ذهب إلى العالِم وإلى الوالي ودله على ذلك وقال له بنفس محترقة: أن يسجدوا لغير الله، إنهم بحاجة إلى إسعاف، إلى إنقاذ سريع، إنهم في الهاوية. لا تحقر نفسك، الدعوة إلى التوحيد بكل ما تستطيع، والقنوات الآن كُثر، والقنوات الآن كُثر إذا صدقت النية.



والأمر الآخر أيها الأخوة: من عجائب هذه القصة أن سليمان - عليه السلام - أوتي ملك عظيم، مُكن، أعطي الجن والإنس والطير، ملك لا ينبغي لأحد من بعده، وجدُّه الأعلى إبراهيم - عليه السلام -، استضعف، ليس على وجه الأرض إلا هو وزوجته، ومع ذلك أيها الأخوة: القدر عند الله والمنزلة عند الله لا تُقاس بالتمكين والاستضعاف، وإنما تُقاس بأدائك لفريضة الوقت، فإن كنت مستضعفا فأبواب الجهاد أمامك، العلم جهاد كبير، مقارعة الباطل بالقرآن جاهدهم به جهادًا كبيرة، الدعوة إلى الله، الأمر بالمعروف، النهي عن المنكر كما فعل الخليل، وتبلغ أعلى المنازل، وإن كنت في وقت الجهاد والقتال كما فعل سليمان - عليه السلام -، ورُب رجل لم يفقه هذا ففاته خير كثير، ينتظر القتال وأمامه جهاد الكبير يفرط فيه.



فيا عباد الله: لا تمكين ولا استضعاف يُقاس بها العبد، هذه أمور قدرية يقدرها الله - عز وجل -، وإنما مقياس العبد بتوحيده وبقيامه بما فرض الله عليه في ذلك الوقت، وهكذا كان أنبياء الله منهم من مُكن ومنهم من استضعف وكلهم قاموا بأمر الله حسب قدرتهم وحسب الظرف الذي قدره الله لهم - جل وعلا -.



فيا عباد الله: تفقهوا في أمر الله وأقبلوا على الله واعلموا أن الله ما خلقنا وما خلق السماوات والأرض إلا لعبادته، وأكثرنا عبودية لله من أقبل على أمر الله، هو أقربنا إلى الله، كل ما كان العبد أكثر عبودية وأكثر غيرة على التوحيد وغيرة من الشرك أن يقع في بلاده أو في أهله كلما كان أقرب إلى الله - جل وعلا -.



قال تعالى: ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55) وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾ [الذاريات/58].



وقال - جل وعلا -:﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ [النحل/36] ومنهم تلك الأمة، أمة سبأ، ولكنهم تركوا ما بُعث إليهم واتبعوا الشياطين.



عباد الله: توبوا إلى الله وتجنبوا الفتن واعلموا أنه في زمان صعب أنكم في زمان صعب، الفتن تموج موج البحر، والصحابة دعوا الله ألا يدركهم هذا الزمان وأنتم قد أدركتموه فليكن ديدن أحدكم دعاء الغريق كمن انكسر به المركب فهو متمسك بخشبة ويقول: يا رب سلم سلم.



يا عباد الله: موجات من الردة والعتو والخروج من الدين والاستهتار بأمر الله، موجات عاتية، لا ينجو إلا من سلمه الله واجتنب الفتن وبعد عنها.



اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منه وما بطن، اللهم كما مننت علينا بهذا الدين اللهم من علينا بإتمامه علينا، نحيا عليه ونموت عليه ونبعث عليه يا رب العالمين يا حي يا قيوم، اللهم لا تفتنا فيمن فتن، ولا تمكر بنا فيمن مكر به ولا تكلنا لنفسنا طرفة عين،

اللهم صلِّ، وسلم على عبدك ورسولك محمد/
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الهدهد داعية التوحيد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى التوحيد :: تغريدات وحكم وأمثال-
انتقل الى: