رسالة منسوبة للدكتور عبدالرحمن
ابن الشيخ عبدالله بن جبرين
احبتي
الحمد لله على سلامتي
لم تكن هذه الحجة الأولى لكنها كادت أن تكون الأخيرة
كنت في بؤرة منطقة التكتل البشري الذي سبب تدافعا أدى لوفاة أكثر من مأتي شخص وإصابة المئات
هذا ليس تقريرا فالتقارير يكتبها الاعلاميون وأنا لست منهم
وليس شكوى فأنا أعلم حرص
قادة هذه البلاد على سلامة الحجاج وأعلم الجهودالتي يبذلها رجال الامن في الميدان
لكنها مشاهدات من قلب الحدث لعلها تفيد المسؤولين في تقويم العمل وتفادي الحوادث
الحادث وقع في شارع ٢٠٤ ونقطة التدافع بداية من تقاطعه مع شارع ٢١٩ الى جسر الملك خالد
ودعت سائق الحافلة على جسر الملك عبدالله وانطلقت مع طريق الملك فهد في منى باتجاه الجمرات
كنت ارغب رمي الجمرات من الدور الاسفل ولهذا بدأت أسلك الطرق التي تقع في وسط منى لأن طريق الملك فهد يلي الجبل
وصلت لطريق ٢٠٤ عبر طريق ٢٢٥ وقبل أن أصل إليه لاحظت الكتل البشرية التي تموج فيه فحدثتني بالرجوع ولكن معرفتي بطبيعة الطرق في يوم العيد جعلتني أواصل رغم الصعوبة التي وجدتها في البداية
بدأت ألاحظ سقوط بعض كبار السن بسبب الإجهاد وبخاصة الذين يدفعون بالعربات
حينما اقتربت من شارع ٢٢٣ بدأ الزحام يشتد وبدأت الناس تسقط وكان هناك سيارة في الوسط سببت كثيرا من التعب للحجاج
كان الناس يدخلون من شارع ٢٢٣ إلى ٢٠٤ وهذا أمر زاد من المشكلة وفي هذا التقاطع رأيت الحجاج يتساقطون ويداسون والاستغاثات تنبعث من كل مكان وبخاصة كبار السن والنساء
كان الناس يتعلقون بأسوار المخيمات ويصعدون فوق الخيام فرارا من الموت
بذلت كل جهدي في الخروج من هذا التقاطع وسقط ردائي ولم احفل به وخرجت باتجاه شارع ٢٠٤
لكن الزحام مازال شديدا والناس صرعى تحت الاقدام وكدت أن أسقط عدة مرات
حاولت الدخول لأكثر من مخيم من مخيمات الحجاج ولكن الحراس يمنعون دخول الناس وهذا ضاعف المأساة
بلغ منى الاجهاد مبلغه واتجهت لمخيم قريب وفي غفلة من الحارس دخلت للمخيم فحاولوا منعي ولكن أصررت على الدخول ودخلت لغرفة الادارة
رميت بنفسي بجوار الباب استرد انفاسي وكان قد سبقني عجوزان تونسيتان يبدو عليهما الاجهاد وطالب من الكلية الأمنية منهك القوى
بعدما ارتحت كان الموظفون يمنعون دخول الناس فحدثت مدير المخيم المهندس أديب خوج عن المأساة فأبدى تفاعله جزاه الله خيرا فامتلأت الادارة والممر الرئيسي بالحجاج وبذل هو وموظفوه جهودا طيبة في التخفيف عن الحجاج
بقي الوضع أكثر من ساعة قبل أن يحل وكان الرائد سعيد العمري يحاول جهده في استنفار طلاب الكلية وابلاغ الجهات المختصة عن الحادث
في الساعة التاسعة والنصف ودعت المهندس أديب وشكرته
لما خرجت لم اتمالك نفسي فبكيت شكرا لله على السلامة حينما رأيت الجثث الممددة والنقالات العديدة التي تنقل المصابين
سرت باتجاه الجمرات والطريق مملوء بالمناظر التي تدمي القلب من الموتى تقبلهم الله والجرحى شفاهم الله وعويل اقارب هؤلاء
كان الحضور لفرق الدفاع المدني والإسعاف وبقية القطاعات الأمنية كثيفا ولكن مباشرتهم للحادث تأخر كثيرا رغم الاستغاثات التي وجهها الضابط المباشر للحادث الرائد سعيد العمري واستنفاره لجميع طلاب الكلية الأمنية القريبين من الموقع
من المؤسف أن كثيرا من المخيمات المجاورة للحدث تعاملت مع الحادث بسلبية
لاحظت قلة مخارج الطواري والمفترض وجود مخارج للطرق المجاورة بعد كل خمسين متر تقريبا
العربات جزء كبير من المشكلة وأصحابها هم أكثر من تضرر ولو بحث عن حل لها كمسارات خاصة او نحو ذلك لخف الوضع في مثل هذا الحادث
ذكر الطالب الذي رأيته مجهدا أن الحجاج دفعوه هو وزميله وأزالوا الحواجز ودخلوا بالقوة فلو كان هناك بوابات حصينة تقفل بها الشوارع أتوماتيكيا لأراحت الأفراد ومنعت التجاوز.
ملاحظة لم يتسنى لنا التأكد من صحة هذه الرسالة المنسوبة لإبن الشيخ جبرين رحمه الله