بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى:
وتوحيد الله وإخلاص الدين له في عبادته واستعانته في القرآن كثير جدًّا بل هو قلب الإيمان، وأول الإسلام وآخره كما قال النبي r: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله" وقال: "إني لأعلم كلمة لا يقولها عند الموت أحد إلا وجد روحه لها روحا" وقال: "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله وجبت له الجنة".
وهو قلب الدين والإيمان، وسائر الأعمال كالجوارح له، وقول النبي r: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، من كانت هجرته إلى الله ورسوله: فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه" فبين بهذا أن النية عمل القلب وهي: أصل العمل. و إخلاص الدين لله، وعبادة الله وحده، ومتابعة الرسول فيما جاء به، هو شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله.
وقال رحمه الله تعالى:
وأما ما يحصل لأهل التوحيد المخلصين لله الدين فأعظم من أن يعبر عن كنهه مقال، أو يستحضر تفصيله بال، ولكل مؤمن من ذلك نصيب بقدر إيمانه، ولهذا قال بعض السلف، يا ابن آدم لقد بورك لك في حاجة أكثرت فيها من قرب باب سيدك: وقال بعض الشيوخ: أنه ليكون لي إلى الله حاجة فأدعوه فيفتح لي من لذيذ معرفته وحلاوة مناجاته ما لا أحب معه أن يعجل قضاء حاجتي خشية أن تنصرف نفسي عن ذلك؛ لأن النفس لا تريد إلا حظها فإذا قضى انصرفت، وفي بعض الإسرائيليات: يا بن آدم البلاء يجمع بني وبينك والعافية تجمع بينك وبين نفسك.
وقال رحمه الله تعالى:
فبالتوحيد يقوى العبد ويستغنى، ومن سره أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله، وبالاستغفار يغفر له ويدفع عنه عذابه: }وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ{ [الأنفال: 33] فلا يزيل فقر العبد وفاقته إلا التوحيد؛ فإنه لا بد له منه، وإذا لم يحصل له لم يزل فقيرا محتاجا معذبا في طلب ما لم يحصل له، والله تعالى يقول: }إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ{ [النساء: 48] وإذا حصل مع التوحيد الاستغفار: حصل له غناه وسعادته، وزال عنه ما يعذبه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.