بعض إجماعات الصّحابة على تكفير المعين - باختصار -
الحمد لله ربّ العالمين و الصّلاة و السّلام على الرّسول الكريم .
أمّا بعد :
1 - قال محمد بن عبد الوهّاب - رحمه الله - عندما علّق على كلام ابن تيمية - رحمه الله - : ( فتأمل كلامه في تكفير المعين ، والشهادة عليه إذا قتل بالنار، وسبي حريمه وأولاده عند منع الزكاة ، فهذا الذي ينسب عنه أعداء الدين ، عدم تكفير المعين .
قال - رحمه الله - بعد ذلك : وكفر هؤلاء ، وإدخالهم في أهل الردة ، قد ثبت باتفاق الصحابة ، المستند إلى نصوص الكتاب والسنّة. انتهى كلامه.)[ مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد 26 ]
هذا إجماع من الصّحابة على ردّة مسيلمة و أصحابه ، ثم الحكم عليهم بالكفر مع سبي نسائهم و أولادهم و الشهادة على قتلاهم عيْنا في النار .
وقال سليمان بن سحمان - رحمه الله - في [ الضياء الشارق في رد شبهات الماذق المارق ] : ( فإذا كان من أشرك مسيلمة الكذاب في النّبوّة يكون كافراً، فكيف لا يكفر من أشرك مخلوقاً في عبادة الخالق - سبحانه - ، وجعله نداً لله ، يستغيث به كما يستغيث بالله ، ويدعوه مع الله ، ويرجوه ، ويلجأ إليه في جميع مهمّاته ، ويذبح له، وينذر له مع الله ؟ ! )
2 - قال محمد بن عبد الوهّاب في شأن من تاب من الردّة في عهد أبي بكر حيث تنقّلوا إلى الكوفة ندما على ردّتهم ثم أكثروا من العمل إلا أنهم صدر منهم كلمة كانت القاضية فقال الشيخ : ( فتأمّل رحمك الله : إذا كانوا قد أظهروا من الأعمال الصّالحة الشاقّة ما أظهروا، لما تبرؤوا من الكفر، وعادوا إلى الإسلام ، ولم يظهر منهم إلا كلمة أخفوها في مدح مسيلمة ، لكن سمعها بعض المسلمين ، ومع هذا لم يتوقف أحد في كفرهم كلهم، المتكلم والحاضر الذي لم ينكر، لكن اختلفوا : هل تقبل توبتهم أم لا ؟ والقصّة في صحيح البخاريّ ....... [ الدرر السنية 9/388 ] .
و قال محمد بن عبد الوهاب : ( إجماع الصّحابة في زمن عثمان - رضي الله عنه - على تكفير أهل المسجد الذين ذكروا كلمة في نبوّة مسيلمة مع أنّهم لم يتبعوه ، وإنّما اختلف الصّحابة في قبول توبتهم .) [ مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد 34 ]
أجمع الصّحابة على كفر من في المسجد كلهم ، وإنما اختلفوا في استتابتهم و ليس في إقامة الحجة لأنّها أقيمت عليهم ببلوغ القرآن و السنة إليهم بلسانهم ، مع وجودهم على أرض الإسلام ، ثم تمّت استتابتهم ، و الاستتابة لا تكون إلا لمعين كما قال أبو بطين
وقال عبد الرحمان بن حسن - رحمه الله - : ( ثم قال : وفي السنن : " أن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - حكم بكفر أهل مسجد في الكوفة ، قال واحد : إنما مسيلمة على حقّ فيما قال ، وسكت الباقون. فأفتى بكفرهم جميعاً ". فلا يأمن الإنسان أن يكون قد صدر منه كلمة كفر، أو سمعها وسكت عليها ، ونحو ذلك. ) [ الدرر السنية 8/258 ]
3 - قال عبد الرحمان بن حسن بن محمد بن عبد الوهّاب - رحمهم الله - : ( وقد ذكر شيخنا - رحمه الله- في مختصر السيرة له ، عن سيرة الواقدي : " أن خالد بن الوليد لما قَدِمَ " العُرْضَ " قدَّم مائتي فارس ، فأصابوا مُجَّاعة بن مُرارة ، في ثلاثة عشر رجلا من قومه بني حنيفة ، فقال لهم خالد بن الوليد: ما تقولون في صاحبكم ؟ فشهدوا أنّه رسول الله ، فضرب أعناقهم حتى إذا بقي سارية بن عامر، قال: يا خالد إن كنت تريد بأهل اليمامة خيرا أو شرا ، فاستبق مجاعة، وكان شريفا، فلم يقتله ، وترك سارية أيضا...... فتأمل كيف جعل خالد سكوتَ مجاعة ، رضاء بما جاء به مسيلمة وإقرارا ، فأين هذا ممّن أظهر الرّضى وظاهر، وأعان وجدّ وشمّر، مع أولئك الذين أشركوا مع الله في عبادته ، وأفسدوا في الأرض ؟ فالله المستعا )[ الدرر 11/306 ].
اختلف العلماء في هذه الرّواية ، لكن على رأي من يرى صحّتها فهي تدل على تكفير المعين دون إقامة الحجّة ، مع إجماع الصّحابة على ذلك .
4 - قال محمد بن عبد الوهّاب : ( أجمع العلماء كلهم على كفر المختار، مع إقامته شعائر الإسلام ، لمّا جنى على النّبوّة ، فإذا كان الصحابة قتلوا المرأة ، التي هي من بنات الصّحابة ، لمّا امتنعت من تكفيره ، فكيف بمن لم يكفر البدو، مع إقراره بحالهم ؟ فكيف بمن زعم أنّهم هم أهل الإسلام ؟ من دعاهم إلى الإسلام أنّه هو الكافر؟ ! يا ربنا نسألك العفو والعافية.) [ الدرر السنية في الأجوبة النجدية 9/391 ] .
5 - قال محمد بن عبد الوهاب : ( إجماع الصّحابة في زمن عمر، على تكفير قدامة بن مظعون وأصحابه إن لم يتوبوا، لمّا فهموا من قوله - تعالى - : " لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ " [ سورة المائدة آية : 93 ] حل الخمر لبعض الخواص.)[ الدّرر السنية 9/427، مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد] .
6 - قال ابن تيمية - رحمه اله - : ( فأمّا الغالية فإنّه حرّقهم بالنار ، فإنّه خرج ذات يوم من باب كِنْدة فسجد له أقوام فقال : ما هذا ؟ فقالوا : أنت هو الله . فاستتابهم ثلاثا فلم يرجعوا فأمر في الثالث بأخاديد فخُدّت وأضرم فيها النار ثمّ قذفهم فيها وقال ... لمّا رأيت الأمر أمرا منكرا ... أجّجت ناري ودعوت قُنْبرا ... وفى صحيح البخاريّ أنّ عليّا أتى بزنادقتهم فحرّقهم وبلغ ذلك ابن عباس فقال أمّا أنا فلو كنت لم أحرقهم لنهي النّبيّ أن يعذب بعذاب الله و لضربت أعناقهم لقول النّبيّ مَن بدّل دينه فاقتلوه ) [ مجموع الفتاوى 35/185 ] .
قال محمد بن عبد الوهاب : (فلمّا غلوا في عليّ أنكر الغلوّ ، وحرّقهم بالنار وهم أحياء، وأجمع الصحابة والعلماء كلهم على كفرهم . ...) [ الدرر السنية 9/390 ] ، و هؤلاء المرتدّون هم جماعة ، يعني هم معيّنون ، ثمّ استتابهم عليّ - رضي الله عنه - و الاستتابة لا تكون إلا لمعين كما جاء عن أبي بطين في [ الدرر السنية في أجوبة الأئمة النجدية 10/401 ] .
يتبع - إن شاء الله - أبو عبد القدّوس بدرالدين مناصرة الحمامات - تبسة - الجزائر