بسم الله الرحمن الرحيم
ترجمة مختصرة عن الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن الشيخ حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب
اسمه ونسبه :
هو الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن الشيخ حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، أبو عبد الله، الإمام العلامة، والقدوة الفهامة، حاوي علوم الفروع والأصول، الفقيه الحنبلي
مولده :
ولد -رحمه الله- في بلدة الدرعية، سنة 1225هـ
أولاده :
وقد خلف -رحمة الله عليه- ثمانية أبناء علماء فضلاء، هم:
1- الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف.
2- الشيخ إبراهيم بن عبد اللطيف.
3- الشيخ محمد بن عبد اللطيف.
4- عبد العزيز بن عبد اللطيف.
5- عمر بن عبد اللطيف.
6- عبد الرحمن بن عبد اللطيف.
7- صالح بن عبد اللطيف.
8- أحمد بن عبد اللطيف.
صفاته الذاتية و الفكرية :
كان للشيخ عبد اللطيف -رحمه الله- صفات ذاتية مميزة تميزه عن غيره من سابقيه وأقرانه من آل الشيخ -رحمهم الله-.
أما صفاته الذاتية :
فكان من أبرزها، أنه كان ضخم الجثة، قوي البنية، سليم الأعضاء والحواس، أبيضاً مشرباً بحمرة، كث اللحية، مستدير الوجه، جهوري الصوت، حاد البصر. كما اشتهر -رحمه الله- بجمال الخط، ووضوح العبارة، وفصاحة اللسان، وكانت اللهجة المصرية الحفيفة تغلب على لغته، نظراً لطول مكثه في مصر منذ سن الطفولة. وكان مهيب الطلعة، قوي الشخصية، جسوراً في قول الحق، صادق اللهجة، مخلصاً لدينه، غيوراً على حرمات الإسلام، متفانياً في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ناصحاً متقبلاً للنصائح، وكان ذاكراً لله –تعالى- وتلاوة آيات القرآن ديدنه، كما كان -رحمه الله- مهاباً محترماً عند ولاة الأمور ومن دونهم من الخاصة والعامة.
نشأته العلمية ورحلاته :
نشأ -رحمه الله- في بلدته الدرعية مسقط رأسه وعاصمة الدعوة السلفية؛ فقرأ فيها القرآن وحفظه، وتعلم دروسه الأولى، في الكتاتيب المنتشرة في تلك البلدة؛ وربي فيها تربية إسلامية كريمة، في بيت والده وأعمامه، إلى أن بلغ ثمان سنين.
وقد كانت الدرعية حينذاك تعج بحركة العلم والعلماء؛ كما وصفها القحطاني: أنها كانت كعبة العلم، وموطن الدعوة، ومعهد علماء السلف، وعاصمة الجزيرة العربية".
ووصفها الشيخ عبد الله البسام بقوله: "... إن الدرعية الزاخرة بالعلم، والساطعة بالإيمان، والمشرقة بالدين، والآهلة بالعلماء، ... أصيبت بالنكبة ...".
فهو -رحمه الله- بعد بلوغه سن التمييز، حصل له رحلة إجبارية، لم تكن في حسبانه، إذ إنه وهو في ذلك العمر المبكر –مع ما كانت تمتاز به بلدة الدرعية من نشاطات علمية واسعة- لم يكن قد حان له وقت ليخرج في طلب العلم. وهكذا توالت رحلاته ..
ثقافته وإنتاجه العلمي :
خلف الشيخ -رحمه الله- نتاجاً علمياً كبيراً، ساعده على ذلك اجتهاده الكبير وشدة حرصه في مجال طلب العلم وتحصيله، أضف إلى ذلك ذكاءه المتوهج، وسرعة حفظه التي منحته ثقافة واسعة، في شتى الفنون العلمية، خاصة الدينية منها. وقد سبق أن علمنا مولده، وحسن تربيته، ونشأته في بيت علم، يحيط به جهابذة من العلماء العاملين، من أمثال والده وأعمامه وغيرهم. ولا شك أن نشأة كهذه في شخصية مثل شخصية هذا الشيخ، تُوجد لدى صاحبها أرضية خصبة لإعداد نفسه وفق البيئة التي تربى فيها.
مصنفاته :
تتناول أغلب مصنفات الشيخ -رحمه الله- الرد على المبطلين، ودحض شبه المنحرفين، وفتن أهل الخرافات والملحدين، فكانت منهلاً عذباً يرده الموحدون، ويأخذ بها أهل المعرفة المتقون. فمصنفاته -رحمه الله- عديدة مفيدة، وهي:
(1) البراهين الإسلامية في الرد على الشبهات الفارسية.
(2) عيون الرسائل والأجوبة على المسائل:وهو عبارة عن مجموعة رسائل وأجوبة مفيدة، جمعها تلميذه الشيخ سليمان بن سحمان، في كتاب أسماه بهذا الاسم.
(3) الإتحاف في الرد على الصحاف.
(4) مصباح الظلام في الرد على منتقص شيخ الإسلام: وهو كتاب في مجلد، رد به على الطاغية عثمان بن عبد العزيز بن منصور الناصري، من تلاميذ داود بن جرجيس، وذلك لما أقذع في مسبة علم الأعلام، ومشيد دعائم الإسلام، ومردي عبادة الأوثان والأصنام في وقته الشيخ محمد بن عبد الوهاب؛ فقد ألف هذا الملحد مؤلفاً سماه "جلاء الغمة من تكفير هذه الأمة"، والمراد بالأمة عنده، عبدة الأصنام، فانتصر لهم فيه، وضلل أهل التوحيد، وعلى هذا الكتاب كان رد الشيخ عبد اللطيف، رحمه الله.
(5) منهاج التأسيس والتقديس في كشف شبهات داود بن جرجيس: وهو كتاب يقع في مجلد، في (396) صفحة، ردّ به كتاب: "صلح الإخوان" لداود بن جرجيس البغدادي. فرغ منه في حدود سنة 1280هـ. ولما صنف هذا الكتاب، أثنى عليه جملة من العلماء والأدباء، منهم: العلامة الأفندي عبد القادر البغدادي.
(6) تحفة الطالب والجليس في الرد على داود بن جرجيس ، وهو كتاب صغير يقع في (156) صفحة. وقد اعتنى بنشره وتحقيقه عبد السلام بن برجس بن ناصر آل عبد الكريم.
(7) دلائل الرسوخ في الرد على المنفوخ: وهو كتاب رد به على ما لفقه داعية الكفر والضلال، داود بن جرجيس. قال الشيخ محمد بن عبد العزيز مانع في تصديره لهذا الكتاب: "ألفه قبل وفاته بنحو سنتين، وطبع أول مر في (1305هـ)، ونفدت طبعته، وقل وجوده حتى نسي أو كاد أن ينسى، حتى وجد منه نسخة في مكتبة محمد بن حسين نصيف، بالحجاز".
وكان -رحمه الله- قد شرع في شرح كتاب الكبائر، وشرح نونية ابن القيم، فاخترمته المنية قبل إتمامهما؛ إذ إن الفتن والاضطرابات التي حصلت بين أبناء فيصل بن تركي، أشغلته كثيراً عن تحقيق ذلك، بل وأبعدته عن مجال التصنيف عموماً في أواخر حياته، وعليها المعول في قلة إنتاجه التأليفي.
وكما أنه -رحمه الله- ناثر جيد، فهو شاعر مجيد، فله عدة قصائد، وقد سخر شعره لرد الشبه، فكان يقاتل أهلها بمثل سلاحهم، ويدمرهم بمثل عدتهم. فله من ذلك قصيدة طويلة، رد بها قصيدة البولاقي المصري، التي خلط فيها المصري وسوى بين البدع في العبادات والبدع في العادات. وكذلك له قصائد إخوانية بينه وبين بعض محبيه من أهل العلم.
وفاته :
توفي -رحمه الله- في 14 من ذي القعدة عام 1293هـ، وأصيب المسلمون بفقده، كما فقدته الرؤساء والمحافل.
وقد كانت وفاته -رحمه الله- في مدينة الرياض، عن ثمانية وستين عاماً (68) من العمر، ثمانية منها في الدرعية، وإحدى وثلاثين عاماً بمصر، وعامان في الإحساء وسبعة وعشرون عاماً بنجد قضاها كلها في تحصيل العلم ونشره، والكفاح الدائب، والنضال المتواصل؛ لحماية عقيدة التوحيد، والذود عن حياض الدين وحرمات المسلمين.
فنسأل الله تعالى أن يرحمه رحمة واسعة، ويجزيه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وأن يتغمده برحمته وعفوه وغفرانه، ويسكنه فسيح جناته، وفي النعيم المقيم. آمين.