أبو لقمان زائر
| موضوع: الرجــال... الأربعاء 6 يوليو - 20:18 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم وصف المادة
| عنوان الخطبة
| الرجال
| التصنيف
| توحيد ومنهج
| تاريخ الإضافة
| 022-01-1431 هـ
| رابط الاستماع
|
|
الخطبة الأولى الحمد لله، الذي بفضله اهتدى المهتدون، وبعدله ضل الضالون، لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له. وأشهد أن محمد عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وسلم تسليمًا كثيرا إلى يوم الدين. عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى. عباد الله: خذوا من شبابكم لهرمكم، ومن صحتكم لمرضكم ومن فراغكم لشغلكم ومن حياتكم لموتكم، عباد الله: كل عبد من موقوف لوحده أمام الله ومسئول عن عمله ونحن الآن بين مخافتين بين عمل قد مضى ما ندري ما الله صانع فيه وبين أجل قد بقي لا ندري ما الله قاض فيه، فحبذا رجل وهنيئا له أعطاه الله عقلا وافرا فعلم أن الآخرة هي كل شيء وعلم أن الدنيا مزرعة للآخرة ومتاع إلى حين. واعلموا أن أصدق الكلام وأحسن الحديث كلام الله - عز وجل -، وأن أحسن الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأن شر الأمور محدثاتها، وأن كل محدثة بدعة، وأن كل بدعة ضلالة. يا أهل التوحيد، يا إخواني في الله: ها هنا أمر نحتاج أن نرجع إلى الميزان فيه، فإن الأمر إذا اختل ميزانه وجب على أهل الإسلام التواصي والتناصح والذكرى بالحق والله - عز وجل - رفع السماء ووضع الميزان ألا تطغوا في الميزان وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان، إننا نتذاكر اليوم في الموقف من الرجال، رجال الحق ومن العلماء كافة. إنه قد مرت على المسلمين فتن في هذه السنين أنشأتها الأحزاب الضالة وتطورت إلى تكفير وتفجير وقتل وكان من أسبابها حرص هذه الأحزاب على فصل الأمة عن علمائها، واجتهد أهل الحق في تذكير أهل الإسلام بالالتفاف على العلماء والأخذ من العلماء، علماء الحق أهل الحديث أهل التوحيد، وافلحوا بحمد الله وعرفت الأمة أن هؤلاء مزيفون وأنهم أهل دنيا محضة تستروا بالدعوة إلى الإسلام لأجل أغراضهم الدنيئة، هذه الجماعات الضالة أراح الله منها البلاد والعباد، ولكن أيها الأخوة نظرا لأن أكثر الناس لا يفقهون أو لا يعقلون وكما هي العادة وُجدت طائفة انزلقت إلى الطرف الآخر، وهو تعظيم الرجال فوق الحق، تعظيم الرجال فوق الحق، وأخذوا من هذا الكلام واحترام العلماء وتقديم أقوال العلماء أخذوا منه فهما خاطئاً، وهو أن الحق لا يمكن أن يُعرف إلا من طريق العلماء هؤلاء أو من طريق أحدهم، فتجد أحد هؤلاء يرى حقا ظاهرا ظاهرا وخاصة قد تكلم فيه السلف وأدلته ظاهرة والحق عليه نور ويمنعه من هذا الحق عائق واحد. يقول: لو كان حقا لقال به فلان، لو كان حقا لقال به فلان، فجعل الحق هو الدليل هو التابع هو المحكوم، وأيضا يرى باطلا واضحا ترده الآيات والأحاديث ويرى واقعا مريرا لأشخاص أو لأحزاب أو لباطل أو لبدع ويمنعه من التصريح بالباطل أن يقول لو كان باطلا لما سكت فلان، ولتكلم فيه فلان، فجعلوا الحق والباطل إنما تُعرف بالرجال وليس الرجال هم الدين يُعرفون بالحق وإنكار الباطل كما قال علي - رضي الله عنه -: ويحك: " إن الرجال هم الذين يُعرفون بالحق وليس الحق هو الذي يُعرف بالرجال ", يا أيها الأخوة في الله: الوسط خير لا غلو ولا جفاء، لا غلو في أن تُجعل أقوال الرجال حاكمة لا محكومة، أقوال الرجال محكومة لا حاكمة، أقوال الرجال يُحتج لها ولا يحتج بها، الرجال أدلاء على الحق فإذا اتضح لك أنوار البلد ومعالم البلد لم تحتاج إلى الدليل، والله - عز وجل - يقول: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل/42] وإذا ظهر لكم الحق بأدلته وأنواره التي من رحمة الله أن جعلها من صفات الحق فلا يمنعك شيء، وقال الله: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ ﴾ .[التوبة/100].إن الطائفتين الضالتين في هذا الباب طائفة لم تتبع العلماء واقتنعت بأفهامها القاصرة وفهمت القرآن والسنة دون فهم الصحابة ودون فهم أهل الحديث ودون فهم السلف الصالح، طائفة ضالة أمسكت بالطرف الأيسر وطائفة أخرى اتبعتهم ولكن ليس بإحسان، اتبعتهم بإساءة جعلتهم علامة الدين، علامة الحق حتى المهاجرين والأنصار، اشترط الله في إتباعهم أن يكون إتباع بإحسان، يا إخوتي في الله: إنما ضل من ضل من كان قبلنا من هذا الباب، الرجال قد يكونوا في صورة آباء فيقول قائلهم: هو على ملة فلان كما قال أبو طالب، يقول قائلهم: إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون، عظم الرجال في قلوبهم حتى استصغروا الحق، وقالوا إن جاء الحق من هذا الباب وإلا لن نقبله. إن الرجال أيها الأخوة ممن ضل بهم من قبلنا قد يكونوا في صورة علماء وأحبار ورهبان وولاة وسلاطين وكبراء ودعاة ومشاهير ﴿ وقالوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67) رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا ﴾ [الأحزاب/68] قالوه بعد فوات الأوان، قالوه في النار ﴿ رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ﴾ إن الرجال قد يكونوا في صورة أخلاء يسحبونك ويضلونك وتظن أن الحق يأتي من طريقهم وأنهم لم يغشوك قال الله: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا﴾ [الفرقان/28]. إخواني في الله: الوسط هو الخير، والعادة أن الشيطان لا يترك بني آدم، إما أن ينزلقوا لهذا الطرف أو لهذا الطرف،﴿ وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [سبأ/20]. عباد الله: نحن نحتاج إلى هذا الكلام وأحوج ما نكون إليه في هذه الأزمان، فإن ربنا - عز وجل - حذرنا من طرق اليهود والنصارى وأخبرنا رسوله - صلى الله عليه وسلم - أنا سنسلك سبيلهم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قال الله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ ... ﴾ [التوبة/34] أتظنون أنها خاصة بهم؟ لا والله، والله الذي لا إله إلا هو لئن كان في اليهود والنصارى أحبار ورهبان يأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله ليكونن في هذه الأمة مثلهم حذو القذة بالقذة، من يميز الصادق من الكاذب؟ من يميز السني من المبتدع؟ امتلئوا في القنوات في المواقع، في المجلات، في الأشرطة والناس يغترون بهم، وكثير منهم والله ممن يأكل أموال الناس بالباطل، في البنوك وفي التأمين وفي القنوات وفي غيرها ويصدون عن سبيل الله. فإن لم يكن لك خاصية في عقلك الذي أعطاك الله إياه وسيسألك عنه حتى تميز الحق من الباطل ثم تحاكم الرجال إلى ذلك، وإن جهلت تسأل وتتبع العلماء بإحسان، فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون، إن لم يكن لك هذا الأمر انزلقت مع من انزلق. قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: "لا يكن أحدكم إمعة" لا تعلقوا دينكم بالرجال، ولكن ليوطن أحدكم نفسه أنه لو كفر أهل الأرض لم يكفر هو، نحن نحتاج إلى هذه الوصايا اليوم، يا أهل التوحيد لأنا في زمان فتن، فتن عاتية، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، أمواج هائلة، من علق دينه بالرجال ربما هلك، ومن عرف القرآن والسنة واتبع الرجال بإحسان نجا بإذن الله. قال - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع: " إني لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا "ثم قال: " ولكن قد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لم تضلوا بعدي أبدا: كتاب الله - عز وجل -، كتاب الله "- عز وجل - وبفهم الأولين بإحسان. عباد الله: إن الرجل الذي ديدنه وتربيته: لو كان حقا لقال به فلان ولو كان باطلا لما سكت عنه فلان، جعل فلان في مقام المشرع، في مقام المعصوم، إن هذا لا ينجح فيه العلم، والله لو طلب العلم عشرات السنين فإن هذا المانع يحجب من وصول العلم إلى قلبه، إن لم تنزل الرجال منزلتهم التي أنزلهم الله إياها وإلا هلكت، نحن نقول: نشهد أن محمدًا عبده ورسوله، عبده: تمنعنا من الغلو، ورسوله تمنعنا من الجفاء، حتى في رسولنا - صلى الله عليه وسلم - نقول عبده ورسوله، هو عبد لله، فلا يستفزنا الشيطان إلى جانب الغلو، ولكن أيضًا هو رسول الله فلا نجفوا فيه، وكان يقول - صلى الله عليه وسلم - : " والله ما أحب أن تنزلوني فوق منزلتي التي أنزلني الله إياها "، إذا كان هذا في الرسول - صلى الله عليه وسلم - فكيف بأهل العلم، إن العالم الصادق هذا لسان حاله، يقول للناس دائماً: والله ما أحب أن تنزلوني فوق منزلتي إنما أنا دليل، فإذا اتضح الحق لكم بأدلته فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون، وقال - صلى الله عليه وسلم -: " لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله ". عباد الله: غلو وجفاء والوسط هو الصراط المستقيم.اللهم ألزمنا الصراط المستقيم، اللهم ارزقنا فرقانا في قلوبنا يفرق لنا بين الحق والباطل، اللهم ارزقنا تقوى ويقين وفقه ونورا نمشي به في الناس، اللهم نعوذ بك من سبيل أهل الغلو ومن سبيل أهل الجفاء، اللهم اجعلنا ممن يحب الحق ويبحث عن الحق وإذا زل العالم صاحب الحق سهل عليه أن يترك هذه الزلة وأن يلزم الحق، اللهم اجعلنا ممن لا يقلد دينه ويربط في رقبته قلادة يسلمها في أيدي الناس، وإنما يستسلم لك بالتوحيد وينقاد لك بالطاعة ويستفيد من أهل العلم في الدلالة على الحق وفي الفهم الصحيح وما سوى ذلك فالحق عليه نور والشك عليه ظلمة.أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم فالهجوا إليه بالدعاء والتضرع، فإنكم في هذه الأيام أحوج ما تكونوا إلى الدعاء خاصة لأن الثبات من عند الله والبصيرة من عند الله وكثر الزائغون إلا من ثبته الله - عز وجل - والله قريب مجيب. |
|