بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الخطبة الأولى
الحمد لله، بفضله اهتدى المهتدون، وبعدله ضل الضالون، لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وسلم تسليمًا كثيرا.عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى، وتعلموا دينكم والزموه، وعضوا عليه بالنواجذ ولو أن تقبضوا عليه كما تقبضوا على الجمر، فإنه سبب نجاتكم برحمة الله وفضله، فمن عرف هذا الدين فليلزمه وليتفقه فيه وليثبت، فإنا في زمان فتن تموج كمج البحر يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبر كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل، وإن الإسلام قد بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاثة وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، من كان على مثل ما عليه النبي - صلى الله عليه وسلم – وأصحابه.واعلموا: أن خير الحديث كلام الله، وأحسن الهدي هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأن شر الأمور محدثاتها، وأن كل محدثة بدعة، وأن كل بدعة ضلالة.يا أهل التوحيد، يا إخواني في الله : إن من الأمور الحسنة أن الناس يُستفزون إذا سمعوا بأخبار الذنوب والفواحش والمعاصي كثير منهم، وينكرون ذلك بقلوبهم ويغضبون لذلك، وإن هناك أمورا تستحق منا الغضب أكثر والشدة أكثر والهجر أكثر لأنها تتعلق بالتوحيد والشرك، وأخذت تدب في هذا المجتمع الطيب وفيما حوله من المجتمعات وليس بين الله وبين عباده نسب.من ذلك أيها الأخوة، من الصور المنكرة التي تتعلق بالتوحيد والشرك وليس بالمعاصي وحسب، ما يفعله سفهاء الناس في مباريات كرة القدم من تعظيم الكفار مدربين كانوا أو لاعبين، وحملهم على الرؤوس وتقبيل رؤوسهم وإذا دخلوا للملاعب قاموا على أقدامهم احتراما لهم، كل هذه صور تخل بالتوحيد وتنقد عُرى الإيمان في القلب، فإن الكافر لا يجوز تعظيمه ولا يجوز حمله على الرؤوس ولا يجوز تقبيل رأسه ولا القيام له ولا للمسلم، فكيف إذا كان القيام على القدمين احتراما للكافر إذا دخل أرض الملعب، كلها أمور ينبغي لأهل التوحيد أن يشمئزوا منها ويغضبوا وينكروها ولا يجالسوا أهلها ولا ينظروا في المباريات إذا كانت تتم فيها هذا وهي كلها لهو ولغو وعبث، فكيف إذا كانت فيها أمور تخل بهذا التوحي.عباد الله: هذه الأمور تستفز الموحد أكثر من سماعه لقضايا الزنا واللواط ونحو ذلك، وكلها معاصي؛ ولكن التوحيد تعد على حقوق الرب - جل وعلا -، وهذا أمر أعظم وأخبث وأشد. ومن الصور المعاصرة عباد الله مما يتعلق بالشرك: ترك الصلاة، فكثير من الناس لا يزوجوا الزاني المشهور بالزنا أو باللواط أو بالفواحش، ولكن تارك الصلاة هان عندهم أمره، مع أنه مشرك، كافر، نجس، لا يُزوج ولا تُؤكل ذبيحته ولا يُصلى خلفه وليس منك ولست منه.فيا عباد الله: ترَّاك الصلاة ترَّاك الصلاة، أرضوا الله - عز وجل - بالغضب له لأن هذا هو الشرك الأكبر قال - صلى الله عليه وسلم -:" بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة " لا يُكلمون ولا يُجالسون ولا يُزوجون ولا يُضحك في وجوههم، فقد فعلوا الشرك الأكبر فأين أهل التوحيد؟ الله الله أن تنحل عُرى الإيمان في القلوب.من ذلك أيها الأخوة: التصوير تساهل الناس فيه وهو مضاهاة لخلق الله، وهو تعد على حقوق الرب.يقول الله - جل وعلا -: " من ذا الذي ذهب يخلق كخلقي؟ فليخلقوا حبة فليخلقوا شعيرة فليخلقوا ذرة " إن المصور يضاهي بخلق الله يحاول أن يشارك الله في الربوبية وفي الخلق، ولا يجوز الضحك له ولا السكوت عليه، وقد بلغني أنه في بعض الأسواق والمجتمعات يقف الرجل أو المرأة والرسام يرسمه بيده، يضاهي خلق الله، ثم يأخذ منه مبلغ من المال، هذا كله حرام سحت، وأشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون، والراضي كالفاعل.عباد الله: أمور يستخف بها الناس وهي والله أشد من الفواحش كلها، من ذلك عباد الله: التشبه بالكفار في معاملاتهم وذهابهم ومجيئهم وأكلهم وشربهم وأعيادهم ومشاركاتهم في الأعياد والسفر إلى بلادهم بغير حاجة ومآكلاتهم ومشاربتهم، فإن هذه كما قال الله: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ ﴾ أي البراء والولاء والتمايز والمفاصلة والفرق ﴿ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ ﴾ [الأنفال/73]، إلا يتمايز أهل التوحيد عن أهل الشرك ويبغضوهم بقلوبهم ولا يعتدون عليهم إلا بأمر الله - عز وجل -، ولا يتشبه بهم ولا يحضر أعيادهم إلا يفعلوا هذا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير وفساد كبير.ومن ذلك إخوتي في الله: من الأمور التي تنتشر والناس يتهاونون بها: الذبح لغير الله وخاصة الذين يذهبون إلى السحرة والمشعوذين، وهذا أيضًا نوع مما يستخف به الناس وهو يُذهب التوحيد ويذهب الإيمان، الذهاب للسحرة والمشعوذين.وقد يكون هؤلاء المشعوذون قرَّاء يظهرون قراءة القرآن وهم كذبة فجرة، فالناس يميلون إليهم ويفتنون بهم، وهذا كله يضعف التوحيد في القلوب، فكيف إذا كان ساحرا أو كاهنا يدعي علم الغيب أو مشعوذا، فكيف إذا أمره أن يذبح لغير الله، يذبح للجن أو للسحرة أو يذبح شيئا حتى يقربه ويُشفى كما يدعي له هذا؟ هذا كله أمر يحل عرى الإيمان في القلوب ويذهب التوحيد منه، والذبح لغير الله مطلقًا حتى عن غير طريق السحرة ببعض الناس.وبعض الشباب خاصة مع انفتاح هذه القنوات وانفتاح الشر الذي جاء من ناس لا يعرفون التوحيد والشرك ولو كانوا في بلاد أسلامية، بعض الشباب إذا اشترى سيارة يذبح ذبيحة ويلطخ سيارته بدمائها خشية العين أو السحر أو الجن، أو يأخذ ماء وملحا ويصبه عليها ونحو ذلك، وهذه أمور بدأت تنتشر وللأسف الشديد، أصبحنا نتكلم عن الفواحش والمنكرات والشيطان رضي منا بذلك، إذا كان الشرك يدب في المجتمعات وفي القلوب.ولا تعجبوا إخوتي في الله، لا تظنوا أن الذبح لغير الله قد ذهب وولى إلى غير رجعة، وأنه من تصرفات الجهلة والمتخلفين، لا والله هو من تصرفات الجهلة فعلا بربهم، والمتخلفين فعلا وإن ادعوا الرقي.قبل شهرين تقريبا في دولة خليجية مجاورة يزعمون أنهم بلغوا أعلى درجات الحضارة، نزل وجيه من وجهائهم وكان قد غاب للعلاج، لما نزل من سلم الطائرة وإذا هم قد أحضروا عند سلم الطائرة عشرة من الإبل، فلما نزل نحروها تعظيما له عند قدميه ثم في الغد نشرت صحفهم في الصفحة الأولى هذا المنظر البشع، البشع جدا الذي لا يساويه منظر فاحشة من الفواحش، ولا منكِر ولا مغيِر وهذا هو الشرك بالله - عز وجل -. فيا سبحان الله! كيف يرجع الشرك من جديد إذا سكت أهل التوحيد ولم يغاروا عليه ولم يغضبوا له.من ذلك أيها الأخوة التشبه مطلقا بالكفار ومساكنتهم فإن هذا هو الباب الأعظم.ومن ذلك الغلو في الصالحين، ومن ذلك القبور وتعظيمها وتجصيصها والكتابة عليها وتنويرها ونحو ذلك، وكل هذه طرق عظمى يدب منه الشيطان حتى يعود الشرك مرة أخرى إلى هذه الجزيرة كما قد استولى على غيرها من البلاد.فيا أهل التوحيد: قوموا لله، واغضبوا لله، فإن انتهاك حق الله تعالى ليس كتجاوز حدوده، تجاوز حدود الله ذنب عظيم وفاحشة كبيرة، ولكن منازعة الله في حقوقه أمر أعظم وأشد وأخبث.ومن منازعة الله في حقوقه القول على الله بغير علم: وهذا قد عم وطم في كل قناة وموقع يتكلمون بالحلال والحرام دون علم فأصبحوا هم الذين يشرعون وأصبح الحكم لهم وليس لله، وهذا أمر أشد من الشرك في كتاب الله تعالى، ومن ذلك الكبر، فإن الله لا يسامح فيه مثقال ذرة وهو بطر الحق وغمط الناس.فيا عباد الله: التوحيد التوحيد، فلو نظرتم في كتاب ربكم ونظرتم نسبة الكلام عن التوحيد إلى غيره، لرأيتم الكلام عن التوحيد والشرك قد أخذ النسبة العظمى من كتاب الله - عز وجل -، فإن كنا موحدين فليأخذ هذا الحديث منا النسبة العظمى من أحاديثنا وخطبنا ومجالسنا، التوحيد والبراءة من الشرك وأهله.اللهم كما مننت علينا بالإسلام والتوحيد فأحينا عليه وأمتنا عليه، اللهم ارزقنا الغضب لك والغيرة على حدودك، اللهم اجعلنا ممن يقوموا لك قومة صادقة، اللهم اجعلنا أولياء لأوليائك وأعداء لأعدائك، واجعلنا من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر وأعظم المعروف التوحيد وأعظم المنكر الشرك، اللهم اجعلنا ممن يحب فيك ويبغض فيك ويهجر فيك ويوالي فيك ويعادي فيك، ويعطي لك ويمنع لك يا رب العالمين، اللهم خلص توحيدنا لك وجرد توحيدنا لك وزدنا توحيدا وإيمانا وفقها يا رب العالمين واحينا سعداء وألحقنا بدرجات الشهداء ولا تفتنا فيمن فُتن ولا تكلنا لأنفسنا طرفة عين أنت حسبنا ونعم الوكيل. أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.
الرئيسية 
