بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد: أرفع إليكم_بعد الله_شكايتي,لدي مشكلة دمرت حياتي وجعلت مني إنسانة مكتئبة تكره الحياة وهذه مشكلتي بالتفصيل هي:
شيخ - ليس من بلدي - صاحب دين والكل يظن به خيرا لجأت إليه لطلب حل لمشكلة وذلك عن طريق رسائل الجوال فرد علي وقدم المساعدة وظننت أن الأمر انتهى لكنه لم ينته بل ابتدأ,اتصل بي بعد أيام ورفضت التحدث معه لأني في حياتي كلها لم أتحدث مع رجل من غير محارمي وأنا- ولله الحمد- محافظة , لكنه قال بأن التحدث معي مهم في فهم المشكلة وحلها ووافقت وأجبته وتحدثت معه . بعد التحدث معي يبدو أنه أعجب بي فبدأ يسلك طرق الشيطان معي ويخطط لأقع في حبه وذلك بإرسال عبارات الإعجاب والمدح والغزل,في نهاية الأمر قمت بتغيير رقمي وتخلصت منه. لكن أتدرون ما المشكلة التي دمرت حياتي؟ بعد مرور أشهر بدأت أشعر بأن قلبي متعلق به وبدأت أشتاق إليه خصوصا عندما أتعرض لمشكلة وأبكي أشعر بحاجة إليه واحترق قلبي من الشوق إليه , لم ولن أعود إليه بإذن الواحد الأحد لكني أريد أن أتخلص من حبه كما تخلصت من رسائله واتصالاته .جربت كل الطرق حاولت أشغل نفسي عن التفكير فيه لكن دون جدوى لا تمر لحظة إلا وهو في بالي كل شيء أراه هو أرجوكم خلصوني أخشى أن يتجاوز حبه حدود المعقول فيسخط ربي علي,لا أريد هذا الحب لا أريده ساعدوني . أرجوكم
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظك الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد،،،
فإنه يسرنا أن نرحب بك أولا ، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يفرج كربتك، وأن يقضي حاجتك، وأن يعينك على نسيان هذه المشكلة فإنه على كل شيء قدير ، والقلوب بين إصبعين من أصابعه سبحانه يقلبها كيف يشاء ، فأسأله سبحانه أن يوفقك للتخلص منها وأن يجعل لك من لدنه وليًّا ونصيرًا، وأن يملأ قلبك إيمانا ورضاً وأن يجعل لك على الخير أعوانًا، وأن يجعلك دائمًا أبدًا على طاعة واستقامة، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن.
وبخصوص ما ورد برسالتك فإنه ومع الأسف الشديد فإن الكثير من المسلمين قد يَمُنُّ الله تبارك وتعالى عليهم بنعمة الإسلام والالتزام، إلا أنهم تظل في أنفسهم بعض الرسوبيات الجاهلية الأولى، وهذا هو الضعف البشري الذي شاء الله تبارك وتعالى أن يجعله مجال الصراع والعراك ما بين الحق والباطل، فإن الإنسان إذا لم يقاوم هذا الضعف البشري ولم يعالجه بالالتزام الشرعي الدقيق بكلام الله تعالى وكلام النبي عليه الصلاة والسلام فإنه ستظل في نفسه نقطة ضعف منها يتسرب الشيطان ويدخل إلى قلبه ويُفسد عليه حياته، بل ويُفسد عليه دينه، وقد يُفسد عليه دنياه.
فهذا الأخ الفاضل مما لا شك فيه أن فيه خيرا - كما ذكرت - وأن الناس يُثنون عليه وأنه يُساعد الناس في حل مشاكلهم، والدليل على ذلك أنك اتصلت به لظنك أنه هذا حاله وتلك طبيعته، ولكن ما أن بدأ يتحدث معك إلا ودخل الشيطان بينكما، إذ أنه ربما وجد فيك ما لم يجده في غيرك، حيث إن الكلام أحيانًا قد تطلقينه بصفة تلقائية، ولكنه يقع في نفس الطرف الآخر موقعًا آخر غير الذي تتوقعين، أنت تظنين أنه بهذا العلم الشرعي أصبح معصومًا أو شبه معصوم، ولكنه يبقى في الأول والآخر بشر له نزواته وله هفواته وله أخطاؤه التي ذكرتُ أنها لعلها لم تُعالج رغم أنه على قدر من الالتزام والعلم الشرعي، ولكن تبقى هذه نقطة الضعف التي لم ينتبه لها تشده دائمًا إلى الوقوع فيما لا يُرضي الله سبحانه وتعالى.
ولعلي أتصور أن هذا الذي حدث مع هذا الرجل الذي تتحدثين عنه، إذ أنه في جوانب أصبح متميزًا، ولكن تبقى هناك جوانب لم ينتبه لها تُمثل نقطة ضعف يتسرب منها الشيطان إلى قلبه كما حدث في هذه الواقعة التي حدثت معك.
وإني حقيقة في غاية الإعجاب بموقفك الرائع حيث إنك غيّرت رقم الهاتف وتخلصت منه، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أنك على خير من فضل الله تعالى ورحمته، والذي أعانك على تغيير رقم الهاتف واتخاذ هذا الموقف فإني أعلم أنه لن يتخلى عنك أيضًا وسيعينك بإذن الله على التخلص من هذا التعلق القلبي، ولكن لعل هذا التعلق جاء نتيجة أنك لا يوجد لديك شيء في قلبك فصادف هذا الكلام قلبًا خاليًا فتمكنا، ولكن أبشرك بأنه بمجرد ما تُشغلين بشيء أهم سوف تتلاشى هذا التعلق وهذه العلاقة رويدًا رويدًا بإذن الله مع الزمن، وإن شاء الله تعالى سوف تتخلصين منها، ولكن هذا يحتاج إلى عدة أمور مساعدة:
الأمر الأول: الدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يعافيك الله عز وجل من ذلك، لأنه وكما لا يخفى عليك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء)، فهذه المحبة مولاك جل جلاله قادر على أن يقتلعها من قلبك نهائيًا، ولكن هذا الأمر يحتاج إلى مجهود عظيم في الدعاء والبكاء والتضرع إلى الله تعالى أن يعافيك من ذلك.
الأمر الثاني: كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بنية المعافاة من ذلك، لأن النبي أخبر عليه الصلاة والسلام بقوله: (إذًا تُكفى همَّك ويُغفر لك ذنبك)، أي بكثرة الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام يكفي الله العبد همه الذي يشغله، ويغفر ذنبه الذي وقع فيه.
الأمر الثالث: الإكثار من الاستغفار.
الأمر الرابع: أتمنى أن تقومي برقية نفسك رقية شرعية لاحتمال أن يكون هذا كله من عمل الشيطان، فإذا ما قمت برقية نفسك رقية شرعية قد يعافيك الله من ذلك، إما أن تقومي أنت بذلك مباشرة - وهذا الذي أفضله – أو أحد أقاربك، وإن لم يتيسر فلا مانع أيضًا من الاستعانة ببعض المعالجين على أن يقوم برقيتك رقية شرعية، لاحتمال أن يكون الشيطان قد دخل من هذا الباب وبدأ هو الذي يُفسد عليك قلبك ويتقمص شخصية الشيخ ويزعم أن هذه محبته، وهذا وارد جدًّا ومتكرر وواقع، وبإذن الله عز وجل عمَّا قريب ستشغلين عن ذلك كله.
الأمر الخامس: أوصيك بالانشغال بشيء آخر كحفظ القرآن الكريم أو شيء من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم أو شيء من طلب العلم الشرعي، حتى تشغلي نفسك بشيء مفيد يملأ عليك ولو بعض الفراغ، وبذلك سوف نقضي على هذا الفراغ القلبي بالانشغال بشيء آخر مفيد، مما يقلل حجم المساحة التي تعانين منه أنت الآن، نسأل الله أن يصرف عنك كل سوء وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، فعليك بالدعاء والإلحاح على الله – كما ذكرت – وأبشري بفرج من الله قريب.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.
والله الموفق
اللجنة الاستشارية لموقع الشيخ عبد العزيز الراجحي حفظه الله