منتدى التوحيد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى التوحيد

 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  دخول  التسجيلالتسجيل  
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» لتعليم بالعمل
وجوب تحكيم الشريعة الإسلامية Emptyالإثنين 18 أكتوبر - 20:04 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» شرح نخبة الفكر الشيخ يعد بن عبد الله لحميد
وجوب تحكيم الشريعة الإسلامية Emptyالسبت 15 مايو - 13:40 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» الجهود المبذولة في قتل الإسلام سعد بن عبدالله الحميد
وجوب تحكيم الشريعة الإسلامية Emptyالسبت 15 مايو - 0:47 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» أثَرُ الأكثَرِيَّةِ في تقويةِ قَولٍ ما (تاركُ الصَّلاةِ كَسَلًا أُنموذَجًا)
وجوب تحكيم الشريعة الإسلامية Emptyالخميس 13 مايو - 0:39 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» أحكام زكاة الفطر
وجوب تحكيم الشريعة الإسلامية Emptyالأربعاء 12 مايو - 3:52 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» الأقوالُ الرَّاجِحة المُتعقِّلة في أنَّ ليلةَ القَدْرِ مُتنقِّلة
وجوب تحكيم الشريعة الإسلامية Emptyالثلاثاء 11 مايو - 23:12 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» إخراجُ زكاةِ الفِطرِ نُقودًا مجانِبٌ للصَّوابِ
وجوب تحكيم الشريعة الإسلامية Emptyالإثنين 3 مايو - 13:50 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

»  فائدة منتقاة من كتاب «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» للإمام أبي بكر عبد الله ابن أبي الدنيا -رحمه الله-.
وجوب تحكيم الشريعة الإسلامية Emptyالإثنين 3 مايو - 1:55 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» العلم
وجوب تحكيم الشريعة الإسلامية Emptyالأحد 2 مايو - 3:48 من طرف أبو عبد الله عبد الكريم

» مطوية (اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ‏)
وجوب تحكيم الشريعة الإسلامية Emptyالإثنين 6 أبريل - 13:41 من طرف عزمي ابراهيم عزيز

المواضيع الأكثر نشاطاً
بطاقات وعظية
مطوية (قُلْ صَدَقَ اللَّهُ)
مطوية ( رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي )
حكم الاشتراك في ثمن الشاة الأضحية بين الأخوة الأشقاء
مطوية (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ)
مطوية_فضائل العشر من ذي الحجة وتنبيهات حول أحكام الأضحية والذكاة
مطوية (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ)
موقع الجماعة المؤمنة أنصار الله
مطوية ( وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ)
مطوية ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ)






 

 وجوب تحكيم الشريعة الإسلامية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أبو عبد الله عبد الكريم
أبو عبد الله
أبو عبد الله



عدد المساهمات : 1917
نقاط : 6032
تاريخ التسجيل : 14/03/2011
العمر : 45
الموقع : منتدى أنصار الحق

وجوب تحكيم الشريعة الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: وجوب تحكيم الشريعة الإسلامية   وجوب تحكيم الشريعة الإسلامية Emptyالسبت 4 فبراير - 11:46

مناع خليل القطان
وجوب تحكيم الشريعة الإسلامية
في شئون الحياة كلها
لقد وردت آيات كثيرة في وجوب تحكيم الشريعة الإسلامية في كل شأن من شئون الحياة البشرية وهي نصوص قطعية صريحة لا مجال للرأي فيها. واقترنت هذه الآيات ببيان المبادئ والأسس التي تقتضي التحاكم إلى شرع الله، واعتبار هذا من مقتضيات عقيدة الإيمان، كما اقترنت ببيان بواعث الخروج عن تحكيم الشريعة الإسلامية.
أولا: المبادئ والأسس التي تقتضي التحاكم إلى شرع الله.
تحقيق معنى العبودية لله تعالى.
حدد الإسلام غاية الإنسان في الحياة بقوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (¬1) وإذا عرفنا معنى العبادة في اللغة أمكننا أن ندرك تمام الإدراك أن حياة المسلم لا ينبغي أن تخرج عن معنى العبودية بحال من الأحوال.
¬__________
(¬1) سورة الذاريات الآية 56

الصفحة رقم : 69

فالعبادة معناها: الخضوع والتذلل والاستكانة وكل خضوع ليس فوقه خضوع فهو عبادة - طاعة كان للمعبود أو غير طاعة - وكل طاعة لله على وجه الخضوع والتذلل فهي عبادة، والعبادة نوع من الخضوع لا يستحقه إلا المنعم بأعلى أجناس النعم كالحياة والسمع والبصر والعقل، وأي نوع من أنواع العبادة مهما كان في نظر الإنسان يسيرا فإنه لا يستحقه إلا من كان له أعلى جنس من النعمة، فذلك لا يستحق العبادة إلا الله.
قال الراغب: العبودية إظهار التذلل، والعبادة أبلغ منها لأنها غاية التذلل ولا يستحقها إلا من له غاية الأفضال. وهو الله تعالى، ولهذا قال:
{أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (¬1) وذكر الطبري عند تأويل قوله تعالى في استكبار فرعون وملائه على موسى وهارون {فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ} (¬2) يعنون أنهم لهم مطيعون متذللون، يأتمرون بأمرهم ويدينون لهم. والعرب تسمي كل من دان لملك عابدا له، وذكر عند تأويل قوله تعالى: {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} (¬3) أي اتخذتهم عبيدا لك.
ويعرف ابن تيمية العبادة فيقول: (العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة) .
فمقتضى العبادة على هذا أن يذعن العبد لله إذعانا كاملا في كل ما يأتي وما يذر في ذلة وخضوع، وأن يجعل حياته كلها رهن أوامر الله ونواهيه، وهي دعوة الأنبياء والمرسلين.
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (¬4)
ويذكر القرآن الكريم في مقابل هذا الانقياد لله الانقياد للطاغوت {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (¬5) وهذه المقابلة تعني أن الخضوع لأي سلطة أخرى خضوع للطاغوت، سواء كان هذا الخضوع للأهواء والشهوات، أم لقوة أرضية أخرى، عاقلة كانت كبني الإنسان ممن يعطون لأنفسهم صفة التشريع لأمتهم، أو غير عاقلة كاتخاذ الأصنام والأوثان. وهذا ما فسر به الطبري كلمة الطاغوت حيث يقول بعد أن ذكر طائفة من أقوال العلماء (والصواب من القول عندي أن كل ذي طغيان على الله فعبد من دونه، إما بقهر منه لمن عبده، وإما بطاعة من عبده له إنسانا كان ذلك المعبود.
أو شيطانا أو وثنا أو صنما أو كائنا ما كان من شيء.
وبهذا يكون " الحكم " بغير ما أنزل الله طاغوتا. . .
ويكون " الحاكم " الذي يحكم بغير ما أنزل الله كذلك طاغوتا. . .
ويكون " الخضوع " لهذا الحاكم أو لذلك الحكم عبادة للطاغوت،
قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا} (¬6)
¬__________
(¬1) سورة يوسف الآية 40
(¬2) سورة المؤمنون الآية 47
(¬3) سورة الشعراء الآية 22
(¬4) سورة الأنبياء الآية 25
(¬5) سورة النحل الآية 36
(¬6) سورة النساء الآية 60

الصفحة رقم : 70

التسخير الكوني والتسخير الشرعي:
الانقياد لله تسخيرا طوعا أو كرها في كائنات الله يقتضي انقياد الناس لدينه حتى يتم التناسق بين الخلائق في الكون كله.
إنك إذا نظرت إلى كائنات الله في السماء من شمس وقمر ونجوم وما أودعه الله في قوى العالم السماوي وجدتها تسير على سنن الله المحكمة. لا يختل توازنها، ولا يعتريها اضطراب، تؤدي وظائفها في الحياة على نهج دقيق يدهش العقول، وتخر لعظمته الجباه صاغرة إكبارا للخالق المدبر، ذلك لأنها مسخرة بأمر الله {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (¬1)
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ} (¬2) {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ} (¬3)
وإذا نظرت إلى الأرض وما عليها من كائنات مختلفة الخلق سوى الإنسان كالنبات والطير والأنعام والدواب واليابس والماء والسهول والجبال وما في العالم الأرضي من قوى متنوعة، وجدت هذه العوالم كلها تسير على سنن الله المحكمة كذلك، مسخرة لأداء وظائفها في عمارة الأرض والانتفاع بخيراتها، بما يشهد لله الخالق بالكمال والإجلال.
{وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (¬4)
{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ} (¬5) {يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (¬6)
وهذا الإنسان إذا استثنينا أعماله الاختيارية وجدناه كذلك خاضعا لله تسخيرا في جهازه العصبي وجهازه التنفسي، وحركته الدموية، وأفعاله الاضطرارية بالقيام بوظائفه العضوية قياما ينطق بالعبودية لله.
{الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ} (¬7) {ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} (¬8) {ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} (¬9)
وما كان للعالم السماوي، أو العالم الأرضي، أو الجانب الاضطراري في الإنسان أن يخرج عن سنة الله في إرادته الكونية.
¬__________
(¬1) سورة النحل الآية 12
(¬2) سورة النور الآية 43
(¬3) سورة النور الآية 44
(¬4) سورة النور الآية 45
(¬5) سورة النحل الآية 10
(¬6) سورة النحل الآية 11
(¬7) سورة السجدة الآية 7
(¬8) سورة السجدة الآية 8
(¬9) سورة السجدة الآية 9

الصفحة رقم : 71

ولكن الجانب الإرادي في الإنسان - وإن كان خاضعا لقدر الله - هو وحده الذي تمرد على شرع الله.
فإن الله سبحانه وتعالى قد بعث رسله وشرع شرائعه لتكون أفعال الإنسان الاختيارية خاضعة لأمر الله الشرعي حتى يتم انقياد الخلائق كلها لله قدرا وشرعا {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (¬1)
وهدف الشريعة الإسلامية أن ترد الناس من هذا التمرد الكفري إلى الله وحده بخضوع شئون حياتهم كلها اعتقادا وسلوكا لشرعه عز وجل، وبهذا يتحقق معنى شهادة (لا إله إلا الله) بإفراده سبحانه بالربوبية والألوهية، والتشريع من خصائص الألوهية، وسبيل ذلك ما جاء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذا معنى شهادة (أن محمدا رسول الله) أما أن ينتسب المرء إلى الإسلام، ثم يدين لغير الله في أفعاله الاختيارية، وشئون حياته الإرادية بالخضوع للقوانين الوضعية، فتلك هي انتكاسة الفطرة البشرية التي بعث رسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم - من أجلها حتى يصير الكون خالصا لله.
إنه لا بد من خضوع الناس في أفعالهم الاختيارية لشرع الله حتى يتم التناسق في الكون كله بخضوع الكائنات كلها لله، وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك في قوله تعالى: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} (¬2)
¬__________
(¬1) سورة الذاريات الآية 56
(¬2) سورة آل عمران الآية 83

الصفحة رقم : 72

تحكيم شريعة الله من أركان الإيمان
الإيمان عقيدة وعمل، إذ لا أثر للعقيدة يدل على صدق صاحبها إلا إذا أقام سلوكه عليها، ووقف عند حدودها، والتزم بما فيها، وبقدر ما يكون العمل تكون درجة الإيمان قوة وضعفا، وزيادة ونقصا.
والشريعة الإسلامية تنبثق من عقيدة الإسلام تنظيم حياة الفرد وحياة الأمة، والعمل بها من أركان الإيمان ومقتضيات توحيد الله عز وجل، وما كان للمؤمنين في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتصفوا بالإيمان وهم لا يتحاكمون إلى رسول الله في كل أمر من الأمور يستوي في هذا ما يتعلق بالعبادات، وما يتعلق بالمعاملات، فإن تحكيم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كل شأن من شئون الحياة مع التسليم والرضا من صميم الإيمان، ويكون هذا بعد مماته بتحكيم شريعته، قال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (¬1)
¬__________
(¬1) سورة النساء الآية 65

الصفحة رقم : 72

ويأتي بيان هذه الحقيقة في صورة القسم المؤكد بالنفي، فإن دخول لا النافية على القسم إذا كان جواب القسم منفيا يؤكد نفي الجواب، والجواب هنا نفي الإيمان (لا يؤمنون) .
كما سيأتي شاملا لأي شجار، فإن (ما) في قوله تعالى: {فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} (¬1) من صيغ العموم فتشمل أي خلاف في أي شأن من الشئون، والتقييد بعدم الحرج يؤكد ضرورة الرضا حتى يكون التحاكم من صميم القلب {ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ} (¬2)
ويجب أن يكون الانقياد لحكم الشريعة ظاهرا وباطنا، فيأتي التعبير بالتسليم مؤكدا بالمصدر في قوله: {وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (¬3) فلا يثبت الإيمان لعبد حتى يقع منه ذلك.
وإذا كان تحكيم الشريعة الإسلامية بهذه المثابة اتباعا لما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -. فإن الوقوف عند ذلك هو سبيل المؤمنين، لأنه دينهم، أما مخالفة ما جاء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أن ظهرت البراهين الدالة على رسالته وسلوك طريق غير طريق المؤمنين وما هم عليه من دين الإسلام والعمل بأحكامه فهو موالاة للضلال وخروج عن الدين يصلى أصحابه نار الجحيم، يستوي في هذا أن تكون المخالفة عامة في كل شيء أم في بعض الأمور دون بعض، حيث تكون المشاقة، فإن أصل معناها كونك في شق غير شق صاحبك، وهذا هو معنى قوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (¬4)
ذلك لأن التشريع من خصائص الألوهية. فإقرار تشريع لسلطة بشرية في فرد أو جماعة شرك بالله، وهذا ما يدل عليه تعليل مصير المشاقين في الآية السابقة بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} (¬5) وقد قال الله في اليهود والنصارى {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} (¬6)
ولم يكونوا عبدوهم مع الله، وإنما اعترفوا لهم بحق التشريع من دون الله فأحلوا لهم وحرموا عليهم:
عن عدي بن حاتم قال: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ هذه الآية الآية فقلت له: إنا لسنا نعبدهم.
قال: أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه. ويحلون ما حرمه الله فتحلونه؟
فقلت: بلى.
قال: فتلك عبادتهم (¬8) » .
ونفى الله تعالى الإيمان عن اليهود الذين جاءوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متحاكمين إليه
¬__________
(¬1) سورة النساء الآية 65
(¬2) سورة النساء الآية 65
(¬3) سورة النساء الآية 65
(¬4) سورة النساء الآية 115
(¬5) سورة النساء الآية 116
(¬6) سورة التوبة الآية 31
(¬7) سنن الترمذي تفسير القرآن (3095) .
(¬8) سورة التوبة الآية 31 (¬7) {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ}

الصفحة رقم : 73

طمعا في أن يوافق حكمه أهواءهم وتحريفهم للتوراة، فلما حكم بينهم بالحق تولوا وأعرضوا، إذ لا يجتمع الإيمان مع عدم تحكيم شريعة الله، بل مع عدم الرضا بحكمها كذلك، لأن عدم الرضا من التولي قال تعالى: {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} (¬1)
إن حقيقة الإيمان هي التصديق القلبي الذي يظهر أثره في السلوك العلمي، ودعوى الإيمان باللسان مع التولي والإعراض عن تحكيم الشريعة دعوى كاذبة لدى المنافقين. {وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} (¬2)
أما سلوك الإيمان لدى ذويه فهو السمع والطاعة لما جاء عن الله وما جاء عن رسوله - صلى الله عليه وسلم - انقيادا لحكم الشريعة، وهؤلاء المؤمنون الذين يتصفون بذلك هم المفلحون، لأن سبيل الفلاح هو الاستقامة على مناهج الله وشرعه {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (¬3)
فمنطق الإيمان هو منطق التسليم المطلق لقضاء الله وقضاء رسوله، وعلى هذه القاعدة يجب على الأمة المسلمة أن تبني منهجها في الحياة بكل شأن من شئونها، الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وإلا كانت عاصية ضالة، ولا خيرة للمؤمنين في سلوك منهج آخر ما داموا متصفين بالإيمان.
{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} (¬4)
فالإيمان بوحدانية الله، يعني أنه لا عبودية إلا لله، فلا عبودية لصنم أو وثن، أو مخلوق، أو هوى، أو قانون وضعي، أو نحو ذلك مما يكون الخضوع فيه لغير الله، وتكون الطاعة فيه لغير شريعة الله ذلك لأن العبودية لله وحده تفترض الاهتداء بهديه وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه كما جاءت على لسان رسل الله إلى البشر.
¬__________
(¬1) سورة المائدة الآية 43
(¬2) سورة النور الآية 47
(¬3) سورة النور الآية 51
(¬4) سورة الأحزاب الآية 36

الصفحة رقم : 74

ثانيا: النصوص القرآنية الدالة على تحكيم الشريعة الإسلامية
يحسن قبل استعراض النصوص القرآنية الدالة على وجوب تحكيم الشريعة الإسلامية أن نقف على ما يأتي:
أ - إن الدين يطلق على كل ما جاء عن الله تعالى من الأوامر والنواهي وكل ما ثبت عن السنة النبوية الصحيحة

الصفحة رقم : 74

حيث أخبر الله تعالى عن نبيه بقوله: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} (¬1) {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (¬2) وأمر باتباعه وطاعته {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (¬3) {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} (¬4) وحذرنا من مخالفته {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (¬5) وفرض على المؤمنين طاعته لأنها من طاعة الله {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (¬6)
والدين بهذا يشمل العقائد والعبادات والمعاملات وشئون الحكم والقضاء وسائر ما يسمى تشريعا.
ب - إن اتباع الدين يعني العمل به، وإذا استبدلت أمة بما جاء في الدين قانونا من القوانين الوضعية، أو مذهبا من مذاهب الناس في الحياة فقد اتخذت غير الإسلام دينا لها، لأن الدين يشمل ما جاء عن الله وما جاء عن رسوله في شئون الحياة كلها، والأمر بطاعة الله وطاعة الرسول يقتضي العمل بالدين كله.
جـ - وقد عرف أكثر علماء الأصول الأمر بأنه: القول المقتضي طاعة المأمور به، وعرفه آخرون بأنه: طلب الفعل على جهة الاستعلاء.
وليست صيغة الأمر قاصرة على صيغة واحدة فإن أساليب طلب الفعل في القرآن كثيرة منها:
1 - صريح الأمر كقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} (¬7) وقوله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} (¬8)
2 - الإخبار بأن الفعل مكتوب على المخاطبين كقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} (¬9) وقوله {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (¬10)
3 - الإخبار بأن الفعل على الناس عامة أو على طائفة خاصة كقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (¬11)
4 - حمل الفعل المطلوب على المطلوب منه كقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (¬12)
5 - أن يطلب الفعل بالصيغة الطلبية، وهي فعل الأمر، أو المضارع المقرون باللام، كقوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (¬13) وقوله {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (¬14)
6 - التعبير بفرض، كقوله تعالى: {قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} (¬15)
7 - اقتران الفعل بألا، كقوله تعالى: {أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ} (¬16)
8 - الاستفهام التعجبي والإنكاري مقرونا بترك الفعل، كقوله: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ} (¬17)
9 - الإخبار بأن ترك الفعل كفر أو ظلم أو فسق، كقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (¬18)
¬__________
(¬1) سورة النجم الآية 3
(¬2) سورة النجم الآية 4
(¬3) سورة الحشر الآية 7
(¬4) سورة المائدة الآية 92
(¬5) سورة النور الآية 63
(¬6) سورة النساء الآية 80
(¬7) سورة النحل الآية 90
(¬8) سورة النساء الآية 58
(¬9) سورة البقرة الآية 178
(¬10) سورة النساء الآية 103
(¬11) سورة آل عمران الآية 97
(¬12) سورة البقرة الآية 228
(¬13) سورة البقرة الآية 238
(¬14) سورة الحج الآية 29
(¬15) سورة الأحزاب الآية 50
(¬16) سورة التوبة الآية 13
(¬17) سورة آل عمران الآية 83
(¬18) سورة المائدة الآية 44

الصفحة رقم : 75
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://eltwhed.yoo7.com
????
زائر




وجوب تحكيم الشريعة الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: وجوب تحكيم الشريعة الإسلامية   وجوب تحكيم الشريعة الإسلامية Emptyالأحد 11 مارس - 9:37


ندعوه عز وجل أن يتَقَبَّلْ مِنَّا ومنكم صَالِحَ الأَعْمَالِ وَيجْعَلهَا خَالِصةً لِوَجْهِه الكَرِيمِ..

وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ

الدِّيِنِ، وَالحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِيِنَ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
وجوب تحكيم الشريعة الإسلامية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  تحكيم الشريعة الإسلامية عبادة لله
»  تحكيم الشريعة الإسلامية عبادة لله
»  وجوب تحكيم الأنظمة للشريعة
»  وجوب تحكيم الكتاب والسنة والتحاكم إليهما ونبذ ما خالفهما
»  الحصون المنيعة في تحكيم الشريعة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى التوحيد :: شبهات وردود علمية :: تحكيم الشريعة-
انتقل الى: