حكم الصلاة وراء من يدعو إلى الديمقراطية .
الحمد لله و الصّلاة و السّلام على الرّسول الأمين .
أمّا بعد :
ابتلينا في هذا الزمان بأئمّة مساجد يدعون إلى الديمقراطيّة ، و يعترفون بها كنظام يجوز تطبيقه ، و هو مع ذلك يتبنّى الحكم الإسلاميّ ، فهذا تناقض ، لأنّ من يدعو إلى إقامة شرع الله لا يخضع لشيء من هذا و لا يُقرّ به أبدا ، فضلا على أن يدعو إليه ، كما يفعل جماعة الأحزاب الإسلامية - زعموا - و في الحقيقة هي أحزاب عَلمانيّة ، لأنّها مقرّة بالنّظام الديمقراطيّ كوسيلة تغيير ، بل مقرّة باحترام الدّستور الذي هو أعظم صنم في هذا العصر ، و من هنا نتساءل ما حكم الصّلاة وراء شخص مُقِرّ بالديمقراطية و آخر يدعو إليها ... ؟
الجواب : سئل الشيخ مقبل - رحمه الله - عن الصّلاة خلف الصّوفيّ المُخرّف، و الشيعيّ المخرّف ، و الحزبيّ الذي يعترف بقرارات الأمم المتّحدة ، و بقرارات مجلس الأمن ، و بالديمقراطية ؟
فأجاب قائلا :
1 - إذا كانوا ليسوا بجاهلين فلا تصحّ الصّلاة بعدهم . [ الأجوبة على أسئلة شباب مسجد السّلام بِعَدَن " الوجه الثاني " ] .
2 – إذا كانوا جاهلين فأقلّ شيء أنّها تُكره الصّلاة بعدهم . [ الأجوبة على أسئلة شباب مسجد السّلام بعدن " الوجه الثاني " ] .
لأنّ ( من دعا إلى الدّيمقرطيّة و هو يعرف معناها فهو كافر ، لأّنّه يدعو إلى أن يكون الشعب شريكا مع الله - عزّ وجل - ) [ قمع المعاند ص 221-223 ] .
من المستبعد أن يكون إمام لا يعرف معنى الديمقراطيّة ، عل الأقل قد سمع من خلال الإذاعات و القنوات أنّ الديمقرطيّة هي حكم الشعب للشعب ، و هذا كفر لا إشكال فيه ، لأنّها منازعة لله في خصيصة خصائص الرّبوبيّة ألا و هي التشريع ، و كذا منازعة لله في ألوهيته ، حيث يسعى الديمقواطيوّن لتجسيد و تطبيق القوانين الكفريّة بين الشّعوب .
فليحذر المسلم الصّلاة وراء هؤلاء صيانة لدينه ، أمّا عند المرجئة فالأمر يختلف - تماما - عمّا قلنا ، فهم متشبّثون بقاعدتهم المطلقة " ليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه " ، و من ثمّ فالإمام الديمقراطيّ - عندهم - مسلم ، لأنّ المرجئة ليس في كتبهم فقه الرّدّة ، اللهم إلا إذا استحل ، أو عاند ، و ما سوى ذلك فهو مسلم ، لأنّهم لا يعترفون بأنّ الكفر يكون بالقول كسبّ الله - مثلا - ففي دينهم لا بدّ أن يقصد ، و إلا فهو مسلم ، كما لا يوجد في كتبهم الكفر بالفعل كالذّبح لغير الله حتى يستحل ، و بناء على ما تقدّم ليس هناك مرتدّ ، و هذا النوع هو الذي يحبّه الطاغوت ، و لا يحاربه بل يمكّن له .
أيّها الموحّد : لا تمتحن إمام الصّلاة و لا تسأله عن عقيدته ، فهو من البدع كما قال ابن تيمية : ( يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَالْجُمُعَةَ وَغَيْرَ ذَلِكَ خَلْفَ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ مِنْهُ بِدْعَةً وَلَا فِسْقًا بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ . وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ الِائْتِمَامِ أَنْ يَعْلَمَ الْمَأْمُومُ اعْتِقَادَ إمَامِهِ وَلَا أَنْ يَمْتَحِنَهُ فَيَقُولُ : مَاذَا تَعْتَقِدُ ؟ بَلْ يُصَلِّي خَلْفَ مَسْتُورِ الْحَالِ ) [ مجموع الفتاوى23/199 ]
أيّها الموحّد لا تترك الصّلاة في مساجد المسلمين إلا إذا تحقّق عندك أنّ الإمام يدعو إلى الديمقراطيّة و هو عارف معناها ، أو وراء صوفيّ ما لم تعلم عنه الكفر ، أمّا مجرّد القيل و القال فهذا ليس من دين الله ، أو وراء أيّ مبتدع ما لم تكن بدعته مكفّرة . لأنّ أغلبية الأئمّة - اليوم - متحزّبة و صوفية و بعضهم غلاة كالتيجانية وغالبيّة من ينتسب إلى السّنّة مرجئة ، و المرجئة عندهم نواقض كثيرة ربّما نذكر بعضها في المستقبل القريب .
يتبع - إن شاء الله - أبو عبد القدّوس بدرالدّين مناصرة
الحمامات – تبسة – الجزائر .